تلفزيون أبوظبي في يوبيله الذهبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بحلول السادس من شهر أغسطس المقبل يكون تلفزيون أبوظبي قد أكمل 50 عاماً من مسيرته التي بدأت يوم 6 أغسطس 1969، عندما انطلق إرساله في عيد الجلوس الثالث للمغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويستحق أن نحتفل جميعاً بيوبيله الذهبي، باعتباره أول تلفزيون يبدأ البث في الإمارات قبل قيام الدولة بأكثر من عامين.

هذه المناسبة تدعونا للتوقف عند مسيرة الإعلام التلفزيوني في الإمارات قبل قيام الاتحاد، وبعد أن أصبحت دولة مستقلة لها كيانها وعلمها ودستورها، وعند رؤية القيادة الحكيمة لأهمية الإعلام في مسيرة الدول والشعوب، وثقتها بأن مواكبة الإعلام لنهضة الشعوب مهم، لأن دوره لا يقتصر على الرصد والتسجيل فقط، وإنما يتجاوز ذلك إلى التأثير وبث الوعي بين الشعوب، ونقل رؤية القيادة وطموحاتها وتوجهاتها، ومن ثم تسهيل مهمتها في إحداث النقلة الحضارية لهذه الشعوب، والانتقال بها من الجهل والتخلف إلى الوعي والعلم والمعرفة، كي يكون لها دورها في بناء مجتمعاتها.

وقد كان التلفزيون واحداً من وسائل إحداث هذه النقلة الحضارية في حياة أبناء الإمارات، عن طريق بث الوعي بين أفراد المجتمع، وإيصال الرسائل التي كان قادة الإمارات يريدون إيصالها إلى أبناء شعبهم.

انطلاق إرسال تلفزيون أبوظبي كان نقطة تحول، ليس في حياة سكان إمارة أبوظبي فقط، وإنما في حياة سكان الإمارات الأخرى التي كان يصلها إرساله الأرضي، حيث لم تكن وقتها قنوات فضائية ولا أقمار صناعية تحمل البث التلفزيوني إلى البيوت كما هو الحال الآن، فقبل تلفزيون أبوظبي لم يكن الناس يشاهدون سوى تلفزيوني الكويت وأرامكو، اللذين كان يصل إرسالهما أيام الصيف عندما ترتفع نسبة الرطوبة، فيتحلق الأطفال حول أجهزة التلفزيون القليلة، التي لم يكن يملكها سوى المقتدرين الذين دخلت الكهرباء بيوتهم، وينقطع عنهم طوال أيام الشتاء، حيث تنخفض نسبة الرطوبة وتتحول أجهزة التلفزيون إلى قطع ديكور جامدة لا حياة فيها.

وعندما نقول «لا حياة فيها» فنحن نقصد أن التلفزيون كان يعني للناس وقتها حياة أخرى لم يعيشوها على أرض الواقع، يشاهدونها للمرة الأولى من خلال الأفلام والمسلسلات الأجنبية المدبلجة والمترجمة، ومن خلال المسلسلات والمسرحيات والأفلام العربية والبرامج الثقافية، التي يتعرفون من خلالها على بلدان ودول يسمعون عنها، ذات ثقافات متنوعة، بها مدارس ومستشفيات وجامعات ومرافق، بدأ القليل منها يتوفر لهم بينما لا يزال الكثير منها في خانة الأمنيات التي يتطلعون إلى تحقيقها على يد حكامهم، الذين كانوا يسابقون الزمن كي يوفروا لهم هذه المرافق، رغم الإمكانات القليلة التي كانت متاحة وقتها.

حيث نتحدث عن الدور الذي لعبه التلفزيون في حياة الناس على أرض الإمارات، فإننا نتجاوز الجانب الترفيهي الذي يعتقد الكثيرون أن دور التلفزيون يقتصر عليه، وإن كان جانباً مهماً لا نقلل من شأنه، لأن الترفيه واحد من ضرورات الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها، لكننا نعتقد أن الدور التوعوي الذي لعبه التلفزيون في حياة أبناء الإمارات كان أكبر بكثير.

والذين عاصروا بدايات البث التلفزيوني في الإمارات، من خلال تلفزيون أبوظبي وتلفزيون الكويت من دبي، الذي بدأ بثه بعد تلفزيون أبوظبي بشهر تقريبا، يعرفون جيدا الدور الذي نتحدث عنه، لأن التلفزيون والإذاعة كانا وقتها نافذتين مفتوحتين على الحياة، حيث لم تكن هناك نوافذ كثيرة متاحة في ذلك الزمن، وقد كان للبرامج التوعوية والثقافية والعلمية والتراثية والإخبارية والمسلسلات وغيرها دور كبير في تثقيف الناس وبث الوعي بينهم.

لهذا نتمنى أن لا تمر هذه المناسبة؛ مناسبة اكتمال خمسين عاماً على بدء الإرسال التلفزيوني في الإمارات، ممثلاً بتلفزيون أبوظبي، دون أن تأخذ حقها من الاحتفال والتكريم، لأن تلفزيون أبوظبي صرح وطني كبير، كان إطلاقه نقطة مضيئة في تاريخ الإعلام الإماراتي، ويستحق منا جميعاً أن نحتفل بيوبيله الذهبي، مستذكرين خمسين عاماً من تاريخه وإنجازاته ورموزه.

 

 

Email