إلى متى ضبط النفس؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تخطئ الكاتبة الأمريكية «باربرا فيرتهايم توكمان» في كتابها «بنادق أغسطس – The Guns of August»؛ أعظم ما كُتب عن الحرب العالمية عندما وضحت أن السبب الرئيس لنشوب الحرب غير معروف، وأن الأحداث الصغيرة هي التي أزمت الأمور وجعلتها تخرج عن السيطرة، وفي لحظة ما اشتعلت فتيلة الحرب.

منذ سنوات طوال وإيران تعبث في حياة الشعوب وتقوض أمنهم، منذ سنوات ولم يأتنا من إيران إلا الخراب والدمار، وضبطنا النفس، ونَفَسَنا كان طويلاً واتبّعنا أسلم الطرق وأكثرها مناشدة للسلام والسلم، وراعينا الحفاظ على استقرار المنطقة وعلى أرواح البشر، ولكن ربما لم تصل لإيران أن الخليج العربي خط احمر أمام مطامعها وشرورها.

عبثت في العراق فدمرتها، عبثت في سوريا فهجرت أهلها، عبثت في اليمن فقسمتها، عبثت في لبنان فزادت جراحها، هذا هو الدور الإيراني في منطقتنا العربية، والمصيبة ليست في ضبط النفس أمام كل هذه التجاوزات، إنما المصيبة بمن باع النفس لإيران واعتبرها الصديق، في حين أنها لا تكن لأي أحد الصداقة أبداً، هي عدوة لنفسها عدوة لشعبها، عدوة لكل العالم ولا ترى في نفسها إلا كما يرى المغرور نفسه.

الولايات المتحدة تطوق إيران من جميع الاتجاهات، من أمامهم عبر بحر الخليج العربي، ومن خلفهم هناك في أذربيجان حيث نشر الجيش الأمريكي مئات الآلات العسكرية البرية لتكون على أهبة الاستعداد لمواجهة إيران وإيقافها عند حدها خصوصاً أن يدها باتت تعبث بخطوط التجارة الدولية وتهدد أمن وسلامة السفن وناقلات النفط، وهذا يعد عبثاً بجميع المصالح العالمية.

اجتماع مكة، ودعوة خادم الحرمين الشريفين لقمة عربية وأخرى خليجية بالإضافة لقمة إسلامية طارئة لبحث آخر التطورات في المنطقة ومحاولة الوصول لحدٍ للتحركات الإيرانية في المنطقة، وتحجيم نفوذها وقطع دابرها الانتهازي والرامي لخراب أوطاننا؛ هذه القمة التي لا تحتمل التأويل، ولا مجال للون الرمادي؛ يا أبيض يا أسود، ياإما تكون معنا في هذه المواجهة وهذه المعركة سواء أكانت سياسية أو عسكرية أو تكون مع العدو الإيراني، ولقادة الدول المشاركة الاختيار، فمنطقتنا بحاجة للقرار الحازم في هذا الشأن والابتعاد عن الضبابية في مواجهة خطر واضح وتهديد صريح لأمننا ومقدراتنا وأرواحنا.

منطقتنا العربية بأكملها مسؤولة أمام التدخلات الإيرانية وكل دولة عليها أن تحمي مصالحها وشعوبها، وكل دولة عليها الدفاع عن قومياتها الإسلامية والعربية في ظل تهديد صريح ومعلن من الجانب الإيراني، والذي لطالما وجد غايته ومبتغاه ووضع نصب عينيه مقدرات شعوبنا و صدر لنا الدماء لينعم هو بالاستقرار، واللوم كل اللوم على كل من ساهم وساند التمدد الإيراني في منطقتنا وجعلها تدخل أراضينا لتنشر فسادها وخرابها، واليوم لا مجال لمثل هذه التساهلات إنما على الجميع أن يتحمل مسؤولية هذه التطورات والتصعيدات.

السعودية تحمل هم العرب أكثر من بعض العرب، تصارع إيران التي في المقابل يأخذها البعض في الأحضان، القيادة السعودية تضع يدها على الجرح وتطلب من العرب أن يحددوا موقفهم تجاه قضية أرهقت شعوبنا وجاء موعد الحزم، فنحن رعاة سلام مع من يحترمنا ويلتزم حدوده مع دولنا، وردنا سيكون قاسياً أمام كل من تسول له نفسه المساس بأوطاننا، وعلى إيران أن تعي أن شعوبنا مستعدة بروحها ودمها من أجل أوطان أقل ما يقال أنها كانت سخية في حبها لأبنائها.

استغرب حقيقة وأنا أتابع تطورات الأوضاع والأحداث الحالية وأجد بعض السياسيين وأصحاب الفكر العرب وهم يطالبون دولنا بضرورة الجلوس على طاولة الحوار مع إيران، هؤلاء ربما لم يقرؤوا تصريحات إيران واعتبارها سوريا واليمن ولبنان والعراق محافظات إيرانية، هؤلاء أقول لهم إن أبوابنا للحوار مفتوحة أمام الجميع وانتظرنا إيران أكثر من ثلاثين عاماً لتطرق أبوابنا وتبادرنا السلم والسلام، ونحن ملتزمون بالمواثيق الدولية وحسن الجوار، لكن لم يأتنا منهم إلا العبث والتمادي بتدخلاتها السافرة بحق دولنا وشعوبنا، من يريد السلام فأيدينا مفتوحة وممدودة أمام من يريد السلم، وعكس ذلك فإننا مستعدون للمواجهة والتصعيد لقطع دابر إيران ونظام الملالي.

لا تخيفنا الحرب ونحب السلام ونرحب بمساعيها إن وجدت، وإن وجدت فعلى إيران وميليشياتها أن تعي خطورة تصرفاتها وتدخلاتها ووضع حد لهذه التدخلات، وهذا ما يجب أن تلتزم به كافة الدول التي تحاول المساس بمصالحنا.

 

 

Email