صناعة القادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

صناعة القادة مهمة أساسية من مهام العمل الحكومي في أي دولة، وتزداد أهميتها مع تسارع وتيرة التغيير والتطور التكنولوجي الهائل، من الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وغيرها، فالمجتمعات والدول بحاجة دائمة لقيادات فاعلة تعمل على تحقيق الأهداف وترجمة الطموحات. قيادات تمتلك رؤى تستشرف المستقبل، وتواكب تغييراته وتصنع الإنجاز.

أصبحت القيادة الفاعلة مرادفاً للنجاح، أي أن خلف كل إنجاز هناك قيادة ملهمة، وبعد كل إخفاق نرى التساؤلات والأصابع تشير إلى القيادة، فالحديث عن القيادة أزلي ولا يوجد خلاف حول أهميتها، أو أهمية العمل على إعداد وصناعة القادة، ولكن الخلاف هو في طرق ووسائل إعداد القادة، من التعليم العام والمناهج، إلى التعليم العالي والتخصصات، أو من خلال التدريب المهني.

هنا الاجتهادات كثيرة والتطور في صناعة القادة مستمر؛ لأن صناعة القادة رحلة طويلة تبدأ بجهود الدولة في الاستثمار في العنصر البشري وتهيئة الظروف والبيئة الممكنة، وخلق الشواغر والفرص عن طريق اقتصاد قوي وتنمية مستدامة.

ولكن المسؤولية أكبر ومتشعبة أكثر في إطار صناعة القادة على المستوى المؤسسي، وتهيئة بيئة العمل الداخلية ومسؤوليات القادة والمسؤولين نحو إعداد وتمكين قادة المستقبل، وتندرج المسؤولية كذلك إلى المستوى الشخصي للأفراد من وجوب توافر الصفات الشخصية، والعزيمة والإصرار، والإرادة القوية نحو التنمية الذاتية.

إذا ما أمعنّا النظر في دولة الإمارات والمنجزات والمكتسبات التي تحققت في فترة زمنية وجيزة، نجد النجاح والإنجاز سمة الدولة والشواهد على ذلك كثيرة، وهذا يدلّنا بشكل قاطع على القيادة الناجحة التي كانت خلف هذا الإنجاز، وبشكل أكثر دقة، القيادة في جميع المستويات، سواء قيادات الدولة أو الحكومة أو القيادات الوسطى في المؤسسات الحكومية، الإمارات تمتلك فكراً قيادياً وبيئة خصبة لإعداد وصناعة القادة، لذلك يقع على عاتق المسؤولين والمديرين تعزيز الاستفادة من هذه البيئة وما تقدمه الدولة من دعم للكوادر البشرية، وجعل صناعة القادة مهمتهم الرئيسية وذلك لضمان تمكين الأجيال القادمة.

صناعة القادة إذاً هي مهمة دولة، ومهمة كل مسؤول، ومهمة شخصية أيضاً، لكن التركيز يكون دائماً على المسؤول بحكم تأثيره الكبير في هذه العملية، وهذا ما دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى التركيز عليه في الوصية العاشرة من الوصايا العشر للإدارة الحكومية، حيث ذكر سموه: «اصنع قادة تصنع مستقبلاً. القائد الحقيقي هو مَن يصنع قادة والمؤسسة الحقيقية هي التي تخرج قادة...».

لذا ندعو كل مسؤول أن يفكّر ملياً في هذه المهمة ويسخّر لها الوقت والجهد لتحقيقها بما يرجع بالنفع على المؤسسة التي يعمل بها وعلى استمرار النجاح والتفوق في كافة المجالات.

Email