أجراس بيت لحم المبحوحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الكل على وجهه ابتسامة فرح وفي داخله مقبرة. الأيدي التي تدق طبول ليلة عيد الميلاد مقيدة بأغلال الاحتلال. لكنه الاحتفال بميلاد السيد المسيح عيسى ابن مريم.

هنا بيت لحم، حيث المغارة التي ولد فيها. هنا اختار الله مريم بنت عمران لتنجب للبشرية يسوع وهي بكر لم يمسسها بشر بل نفخة من روحه: هنا في بيت لحم، في المطر والبرد ولد الطفل الناصري لأم كانت تضع على رأسها شالها وتلوذ من أهلها بالمحراب، وكان كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها طعاماً، كلها أخبار عن السيدة مريم التي صاحت بلحظة ضيق «ليتني كنت نسياً منسياً».

الاحتفال بعيد الميلاد، موضوع وطني بامتياز، ورسالة تحدٍّ للاحتلال الإسرائيلي، وضوء على القضية الفلسطينية، كما أكد رئيس بلدية بيت لحم، أنطون سلمان: أن «توافد المواطنين إلى بيت لحم للمشاركة في الاحتفالات هو تحدٍ واضح للمحتل.

وبالتالي رسالتنا اليوم، أننا باقون على هذه الأرض المقدسة، وسنحافظ عليها وسنقاوم الاحتلال وصولًا إلى تحقيق الأهداف الوطنية، وفي مقدمتها الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس». رئيس البلدية يتحدث عن دولة فلسطينية مجهولة الحدود وهي في أحسن الأحوال حدود الرابع من يونيو حزيران 1967.

لكن مسيحيي فلسطين لهم رأي آخر فهم الذين فتحوا كنيسة المهد حيث ولد السيد المسيح لأخوتهم المسلمين ليؤدوا صلواتهم فيها حين منعهم الاحتلال من دخول المسجد الأقصى، وهم الذين منهم رفع الكاهن الأذان في الكنيسة في تحدٍّ للاحتلال وتأكيدا على أخوة الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين ويهوداً غير صهاينة.

ففي رسالة خاطب فيها الرئيس الفلسطيني عنونها بـ: «كل عام وأنتم بخير يا بني وطني» قال الأب مانويل مسلم «راعي كنيسة اللاتين»: «أنا لست مسيحي دولة أوسلو، أي الضفة الغربية وقطاع غزة. أنا مسيحي فلسطين التاريخية من رأس الناقورة إلى أم الرشراش ومن البحر إلى النهر.

انا فلسطيني مسيحي أسكن في كل ذرّة تراب من فلسطين هذه، لأنها كلها لي، وكل ذرة من ترابها تسكن فيّ، لأني أنا وكل شعبي لها، فاعذرني وسامحني واقبل أسفي وحزني يا سيادة الرئيس أن حرمت نفسي من فرح تسلّم بطاقة معايدتك في عيد الميلاد 2018 لأنها حجمتني وحجّمت شعبي وقسمتني وقسمت ارضي وشعبي المسلم والمسيحي في فلسطين التاريخية».

«بيت لحم ليست بيت لحم» القدس، وغزة، ورام الله، وبيت جالا، وبيت ساحور، وبيرزيت، والطيبة، وجفنا، والزبابدة، ونابلس، وأريحا،«كما جاء في رسالتكم، بل هي أيضا مدينة الناصرة وحيفا ويافا والرملة واللد وبيسان وبئر السبع وعكا وجبل طابور وطبريا والرامة وصفد.... فليس لـ«بيت لحم«حدود حتى يكون لأي كيان غازٍ غريب صهيونيٍّ في أرضي غربها أو شرقها أو شمالها أو جنوبها حدودا، كما جاء في بطاقة التهنئة إلينا.

وأكد الأب مسلم على تعاليم السيد المسيح قائلاً:»إن ترانيم وأشجار عيد الميلاد في فلسطين هي سيمفونية سلام ومحبة. ولا معنى ولا طعم لأنغام هذه السيمفونية إن كانت مبتورة أو نشازا في صوت من مدينة أو قرية فلسطينية.

كما أن أي عالم حرّ لن يستسيغ أبدا سماع سيمفونية مشروخة، لأن آذان الاحرار لا تسمع إلا صوت الحق. أما أميركا وإسرائيل وأوروبا فهم معتادون على سماع صوت الباطل ونواح الشعوب التي استعمروها؛ صوت السلام والعدالة والمحبة النابع من بيت لحم لا يفهمه هؤلاء إلا إذا مرّ عبر حناجر المقاومين الفلسطينيين.

بيت لحم هي كل فلسطين وكل فلسطين هي بيت لحم. فأصغِ إلى صوتي أيها العالم:«إن بكت عيون أطفال فلسطين فاحذروا أن تبكي جميع عيون أطفالكم. وان حوصِرَت فلسطين فلن يكون لمدينة من مدنكم حرية الفضاء. ولكن إن ابتسم شعب فلسطين فأبشروا بولادة الفرح والاطمئنان والسلام والعدالة أن يتفجّر من فلسطين في بلادكم.

لا تبتعد أيها العالم الظالم الجبان عن دفء رسالة السلام التي تبشركم بها السماء من مغارة بيت لحم:» المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وللناس الذين بهم المسرّة.».


إن كل ما يجري على أرض فلسطين التاريخية يعيد التاريخ إلى سيرته الأولى. القاتل والمحتل وغاضب الرب هو نفسه. والإسخريوطي الذي خان السيد المسيح وسلمه لليهود خلف اسخريوطات يبطشون بالمسيحيين الحقيقيين، يسلبون أرضهم ويقتلعون زيتونهم وقمحهم وأرواحهم!
 

Email