رجاء القرق وكتابها «سيرة ذاتية»... تراجع العربية أمر محزن

ت + ت - الحجم الطبيعي

أهدتني رجاء القرق مشكورة كتابها الذي أصدرته أخيراً، وكنت بعد الإهداء أحد المدعوّين في حفل إطلاق السيرة الذاتية يوم الأربعاء 2018/‏‏12/‏‏12، وسألت رجاء لماذا لم تكتب كتابها بالعربية، وكتبتْه بالإنجليزية، ولماذا لم تُخرج ترجمة عربية مع الإصدار؟ كان جواب السيدة رجاء أنها تعمل على ترجمة كتابها، وأن الترجمة العربية ستلقى النور عمّا قريب. وانعكس الموقف نفسه، الموقف من العربية، على لغة الحفل الذي أقيم للحديث عن الكتاب، فالحديث سادته اللغة الإنجليزية، وكان لافتاً للنظر أن تكون اللغة العربية هامشية بين الحضور الذي كان جلّه من العرب ومن المواطنين الذين بلا شك العربية هي لسانهم وسحنتهم وهويتهم.

وليس هناك اعتراض على استخدام الإنجليزية، فهذه اللغة لم تعد في عالمنا اليوم لغة فئة معينة أو دول معينة أو أمة معينة، فهي في الحقيقة لغة العالم برمته أينما ولّينا وجوهنا واتجهنا في الشرق والغرب، وهي لغة الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا والعلوم.. إلخ، ومن يُرِدْ أن ينهض عن سباق التخلف أو يُرِدْ أن يكون في ذلك الركب المتجه إلى الأمام، فعليه أن يعرف أن من أولويات الأسباب التي تجعله لا يبعد عن الركب اللغة الإنجليزية ومعرفتها والتحدث بها.

ولكننا كأمة نريد أن تكون لنا هويتنا التي تربطنا بماضٍ من تراث حضاري وقيم تغلب عليها القوامة والاستقامة وفيها من البهجة ما يسر ولا يضر، ومن هنا فإن الاستمساك بعروة التراث الثقافي العربي ينبغي أن يسير في خط متوازٍ مع الثقافات اللغوية الأخرى كالإنجليزية، ومن هنا أيضاً لا بد من أن تكون العربية في المقدمة ولها السيادة والريادة في أي حفل أو تجمّع أو نادٍ للمواطن الإماراتي حضور فيه، لأن الجيل الجديد الذي تغلب على مفاهيمه العامة ظاهرة الغربة والاستغراب سوف يمضي في هذا الطريق، طريق إهمال العربية، إذا لم يجد من الآباء اهتماماً أو شيئاً من الإصرار على عدم الحيد عن حيازة تراثه الأصلي والتمسك به بغية عدم الضياع والتيهان.

وبالرغم من أنني بدأت في قراءة كتاب السيدة رجاء القرق السيرة الذاتية، فإنني ما زلت ماضياً في قراءة ممتعة للكتاب الذي يبدو أن السيدة رجاء قد أفرغت فيه من الفهم ومن التجارب ما يجعله من أمهات الكتب التي صدرت في الإمارات خلال العام الحالي 2018، وآمل أن أعمل قراءة في الكتاب وأنشرها في كشاكيلي الملونة التي عادةً ما أكتبها خلال شهر رمضان مع عديد من الكتب الأخرى التي قرأتها، والتي أرجو أن أتناولها ضمن هذه الكشاكيل.

ولا شك أن رجاء القرق بكتابها هذا الذي بين أيدينا تضيف إلى المكتبة الإماراتية سفراً جديداً ومفيداً، ويزيد المرأة الإماراتية بروزاً وحضوراً، خاصة أن السيدة رجاء القرق إحدى النساء اللاتي اعتمدن على أنفسهن كثيراً، لكي تكون في صف النساء العربيات اللاتي يشير المجتمع النسائي العربي إليهن بالبنان، ونرجو أن تأتي الترجمة العربية للكتاب في وقت ليس ببعيد، لكي تعم الفائدة ويصل إلى أيدي قراء العربية في الإمارات وفي العالم العربي، ولكي تثبت المرأة الإماراتية أنها لا تقل في بروزها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي عن الأخريات المثيلات في العالم.

Email