نحب الإمارات ونعشق ترابها

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول العارفون، ليس الوطن هو البقعة الجغرافية المعروفة الحدود والأبعاد فقط، بل هو الأرض التي تعيش عليها والسماء التي فوقها، وبحرها وناسها وتاريخها وتراثها، أفراحها وأتراحها، وردها وشوكها وشجرها وشمسها وقمرها ونجومها، الوطن خيمة كبيرة تحميك من الريح والعواصف وتمنحك الدفء والأمان، ومنها تستمع لقصصٍ تمدك بالعزيمة والقوة.

وتشد رباطك بأرضك وأهلك، يقول الشاعر محمود درويش «ما هو الوطن؟ ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي، إنه حياتك وقضيتك». وقال أحمد شوقي: «وطني لو شُغلتُ بالخلد عنه... نازعتني إليه في الخلد نفسي» أي حتى لو كنت في جنان الخلد لاشتقت إلى وطني.

وكثيراً ما شبّه البلغاء الوطن بحضن الأم وحنانها ودفئها وخوفها على بنيها وتضحياتها من أجلهم، وقد لا ينطبق هذا الوصف على الكثير من بلدان العالم في هذا الزمن الذي تشتت فيه الإنسان وضاع، ولكن لو شئت أن أطبق هذا الوصف على وطني لقلتُ إن الإمارات أمي وأم كل مواطن إماراتي ولصدقتُ وصدقني الآخرون.

فالإمارات منذ بزوغها كدولة حديثة صاغت أهدافها واستراتيجياتها وقوانينها، وحثت خطاها عملاً دؤوباً وجهوداً جبارة في كافة المجالات من أجل أن تسعد المواطن وتحقق له العز والرخاء حتى صار للسعادة فيها وزارة في سابقة لم تشهدها حكومات الدول، وهكذا كان منهج والدنا الشيخ زايد رحمه الله حين قال: «إن واجبي هو توفير كل مقومات الحياة الكريمة لكل مواطن»، وقد مرّ علينا حديثه وهو حزين لأنه سمع أن مواطناً إماراتياً يسكن بالإيجار. فلسفة الشيخ زايد في إسعاد المواطن صارت منهجاً لكل أخوته أصحاب السمو والوزراء ومسؤولي الدولة.

ولقد كان ولا يزال المواطن الإماراتي مقتدراً ووفياً لحمل هذه الأمانة (أمانة الوطن) وقد تفاعل مع جميع معطيات الخطط والمشاريع النهضوية الجبارة، وأثبت جدارةً وقدرات عالية في التفوق والإبداع والابتكار، مما جعل السعادة تأخذ بعداً جديداً هو إسعاد المواطن لقيادته وحكومته الرشيدة.

ويظل دافع هذا التطور والتقدم والنجاح الذي بلغته دولتنا هو حب القيادة لشعبها وحب الشعب لقيادته الرشيدة، والجميع يحب الإمارات، الوطن الذي صار أمّاً لنا وأباً، ومهما بذلنا من جهود ومهما قدمنا من تضحيات نشعر أن أمامنا الكثير لنعبر عن عمق محبتنا ووفائنا له، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله: «أحد أسباب نجاح الإمارات أن كل شخص في هذه الدولة يعشق ترابها. نحن نحب الإمارات».

أجل نحبها ونفتديها بالغالي والنفيس، ولولا هذا الحب المتأصل العميق لما قدم شهداء الوطن أرواحهم فداء للواجب الوطني وهم يدركون أن الوطن أعز من المال والولد ويستحق هذه التضحيات، ومن واجب الوطن أن يستذكر تضحياتهم وأمجادهم ويعتز بهذه التضحيات وسنحتفي بشهدائنا الأبرار في (يوم الشهيد) بعد يومين إن شاء الله.

وسنحتفل بعده باليوم الوطني السابع والأربعين يوم تأسيس الاتحاد، نحتفي ونحن أكثر التصاقاً بتراب الوطن، أكثر اعتزازاً بهويتنا وأصالتنا وتراثنا، ونحن أكثر قرباً من قيادتنا الرشيدة، وأكثر عزماً على مواصلة العمل لبلوغ المرتبة الأولى في جميع مناحي الحياة.

أجل سنحتفل وبدأت معالم الزينة تنشر ألوان الفرح والرايات تخفق والعيون تبتسم، وسوف نجدد عهدنا للوطن بأننا (عيال زايد) الأوفياء الباقون على العهد والماضون باتجاه المئوية المجيدة بتفاؤل واقتدار.

ستحتفل الإمارات باليوم الوطني وهي تستذكر عظمة القائد الوالد الشيخ زايد الذي قدح شرارة الاتحاد فعم الضوء والخير كل البلاد، يقول عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:

عشت يا رجل المواقف والفلاح..... ليت بالأرواح نقدر نفتديك

بك عرفنا الوقت كــلـّــه بانشراح..... وكل مجدٍ عاليٍ ما يعتليك

وقال عنه أيضاً:

وزايد الحكمة ومجدي والأمان.... وزايد العليا ومن فوق الظنون

يرســم المنهج بحـكمة واتزان.... ونقـتدي به ونتبعه وخلفه نكون

ومن اتبع منهج الشيخ زايد فقد اتبع منهج الحق والعدالة والخير، وكل عامٍ والإمارات بخير.

* رئيسة رواق عوشة بنت حسين الثقافي

 

 

Email