أزمة مفتعلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

منع عشرات من نواب الموالاة بالبرلمان الجزائري رئيس المجلس سعيد بوحجة من دخول مقر البرلمان احتجاجاً على رفضه التنحي، وتجميد المجلس الشعبي الوطني في الجزائر، نشاطاته التي كانت مبرمجة في إطار الدبلوماسية البرلمانية، هو في حد ذاته أزمة دستورية لا يمكن أن يرتكبها النواب الذين حلفوا على المصحف بأن يحموا الدستور ومؤسسات الجمهورية.

فريق الموالاة الذي كان يتغنى لعشرات السنوات بحرصه وغيرته على الدستور واحترام القوانين، يأتي اليوم ليضرب بعرض الحائط كل القوانين، والنتيجة في جميع حالات الأزمة، إضعاف للجزائر وليس لبوحجة والبرلمان وحدهما.

فالأزمة غير المسبوقة في البرلمان الجزائري بلغت منحى خطيراً، أثر في هيبة الدولة وتجميد مشاريع قوانين مهمة وأساء لعلاقاتها الدبلوماسية، عقب تأجيلات عديدة للقاءات سفراء أجانب مع لجان البرلمان.

كل ما يحدث هو استمرار مسلسل الأزمة السياسية بين الأطراف الفاعلة التي بدأت التسابق نحو الرئاسيات المقبلة المزمع إجراؤها السنة المقبلة، وما أزمة البرلمان الجزائري إلا إحدى الحلقات لا غير، لكن نتائج الأزمة المفتعلة الحاصلة في البرلمان فإن أضرارها على البلد والنظام، أكبر من أضرارها على الذين أشعلوا هذه «العركة».

ما يحدث في المجلس الشعبي الوطني التي تعد الغرفة الثانية للبرلمان هو استهتار بالشعب، وتلاعب بالدستور والقوانين الجمهورية.

الصراع السياسي جيد، لكن ليس بهذه الكيفية التي تضعف البلاد وتشكك في مصداقية الغرفة التشريعية. لقد عاشت عدد من البرلمانات شجارات بين النواب مثل البرازيل وأوكرانيا، لكن الشجار كان على خلفية مصالح عامة تخص الشعب وليس مصالح شخصية، فبقاء الوضع على ما هو عليه سيجبر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على حل البرلمان بشكل اضطراري، ويبدو أن هذا الأمر قد يضع الجزائر في ارتباك سياسي حقيقي، حيث سيؤثر بشكل سلبي في الاستحقاقات المقبلة.

الجزائر لا تتحمّل حل البرلمان، ولا تعطيل أي مؤسسة من مؤسسات الدولة، فنحن لا مع بوحجة ولا ضده ولكن نريد بقاء واستمرار المؤسسات في أداء عملها.

إذا فهمنا حقيقة الأزمة، فإننا ندرك بسهولة أن الحل لا يمكن أن يكون بخلق فراغ دستوري، وإدخال البلاد في متاهات دستورية، بل الحل لن يأتي إلا بالتوافق بين جميع الأطراف، ووضع مصلحة البلاد فوق كل الاعتبارات.

Email