قطر.. والإنكار

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إنّ نظام قطر لا يزال يعيش مرحلة الإنكار، في إشارة إلى رفضه الاعتراف بالجرائم التي اقترفها، والتهم الجدية الموجهة إليه. جاء في قواميس اللغة: «أنكرَ يُنكر، فهو مُنكِر، والمفعول مُنكَر، وأنكر الشَّيءَ: جهلَه مع علمٍ به»، والإنكار، وفق آنا فرويد وهي أصغر أبناء عالم النفس الشهير سيجموند فرويد، وتعد من أوائل مؤسسي التحليل النفسي للطفل، هو آلية دفاعية للعقل غير الناضج، لأنّ الإنكار يتعارض مع القدرة على التعلم من الواقع والتعامل معه.

ويفسّر المتخصصون الإنكار بأنه ببساطة رفض الإقرار بأنّ حدثاً ما قد حصل بالفعل، حيث عادة ما تكون ردة فعل الشخص المصاب بهذا المرض كما لو أن شيئاً لم يحدث، ويتصرف بطرق يرى الآخرون أنها غريبة. ولعل الملفت في الأمر، أنّ المنكر قد يمارس إنكاره من دون إدراك أو وعي، وقد يشعر بالدهشة من سلوكيات ومواقف المحيطين به، فيعتبرها غير طبيعية.

في المقابل، وكما في الحالة القطرية، يكون المنكر واعياً بسلوكه، لكنه يغض الطرف عن الوضع الذي لا يشعره بالراحة، فنظام الدوحة يدرك جيداً أنه متورط في دعم الإرهاب، وفي احتضان الإرهابيين، والتآمر على الدول العربية، وفي بث الفوضى ونشر الخراب، والتحالف مع قوى الشر الإقليمية والدولية، ويعلم أن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تمتلك الأدلة على ذلك، ومنها التسجيلات والوثائق المسربة، والخطط العدائية المكشوف عنها، والممارسات المفضوحة على الأرض، والتحريض الإعلامي المباشر، والعمل على تشويه الأنظمة والدول والرموز الوطنية، وتمويل الجماعات المتفق على صلتها بالتكفير والتفجير، وسفك الدماء وتهديد السلم المجتمعي والأمن القومي.

إنّ مشكلة النظام القطري أنه ينكر ما هو معلوم بالضرورة، وهو ما يمكن تفسيره بأنه تصرّف صبياني، وغير عاقل، فالإنكار يعني في أحد جوانبه، عدم القدرة على المواجهة، والخوف من ضعف الموقف الناتج عن الاعتراف بالذنب أمام الطرف المقابل.

وعادة ما ينتقل المُنكر بنفسه من موقع المخطئ، إلى موقع اللائم من خلال تحويل الذنب إلى شيء أو آخر أو شخص آخر، أو يعمل على أن يجعل آثار أو نتائج عمل معين تبدو وكأنها أقل ضرراً مما هي عليه في الواقع، أو يحاول تبرير موقفه بأن يقنع الآخر بأنه على حق، وكل من حوله مخطئون، أو يمارس النكوص بما لا يليق بموقفه وموقعه، وكل هذه الحالات نراها في تصرفات النظام القطري الذي لا يزال يبحث عن مبررات لجرائمه، كأن يزعم أنه يدعم الحرية أو يناصر الشعوب، ثم يوجه اللوم لمن يتصدون لشرّه، وقد يرفع صوته مدعياً المظلومية، كما فعل في أكثر من مناسبة، وكما لا تزال أبواقه تجتهد في تضليل الأفراد والجماعات بما لم يعد يُقنع حتى القائمين عليها.

إن حالة الإنكار، أو النكران، أو التملص، التي يعيشها نظام الدوحة، لن تفيده في شيء، وإنما تأخذه فقط إلى مزيد من الاستغراق في عزلته التي قد تطول أكثر مما كان يعتقد.

 

Email