رأي

حقد «الحمدين»

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما معنى أن تتحالف قطر مع كل من يعادي العرب أو يهدّد مصالحهم أو يعمل على اختراق أمنهم القومي مثل إيران وإسرائيل؟

ما معنى أن تضع يدها في يد كل من يمثّل خطراً على سيادة الدول ووحدة الشعوب وأمن المجتمعات من الجماعات الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان وتنظيما داعش والقاعدة؟ ما معنى أن تدفع ملايين الدولارات لمنظمات تدعي أنها حقوقية، أو لمراكز تزعم أنها بحثية، في حين هدفها تشويه صورة هذا البلد أو ذاك؟ ما معنى أن تصرف ببذخ على أبواق إعلامية وجيوش إلكترونية وتوجيهها لإرباك الرأي العام العربي ونشر الأباطيل؟ ما معنى أن تحوّل أراضيها إلى خيمة استقطاب للمتآمرين والمتمردين ودعاة الإرهاب والانقلابات والملاحقين من دولهم؟

ما معنى أن تصبح رهينة لهاجس واحد، وهو إقلاق راحة الآخرين، وعرقلة خطوات الناجحين، وإفساد مشروعات المجتهدين، وتهديد أمن الآمنين، وتشتيت صفوف المجتمعين؟

كل هذه الأسئلة لا يمكن تفسيرها إلا بأننا أمام حالة من الحقد المتأصّل، المحمول على كاهل إرث من النزوع إلى التمرد ضد القيم الخيّرة، والمدعوم بقراءة مرَضية لعقيدة فاسدة، لا علاقة لها بالعروبة والإسلام والإنسانية، ولا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا بأي شعار من تلك الشعارات التي يحاول نظام الدوحة أن يستظل بها من هجير الحقيقة التي لا يتحمل ضوءها الساطع.

نحن أمام نظام كان يعتقد إلى وقت قريب أنه قادر على تغيير العالم، والتحكم في مصير العرب والمسلمين، والسيطرة على مقاليد القرار ومراكز النفوذ في الغرب، وأنه سيتجاوز حجم بلده الصغير، إلى مساحة غير محدودة من الكرة الأرضية، معتمداً في ذلك على ثروات يذروها على جماعات تكفّر، وميليشيات تقتّل، وعصابات تتمكّن، وجمعيات تستقطب، ومنظمات تلمّع، وأبواق تضلّل، ودعاة يقلبون الباطل حقاً والحق باطلاً.

في عام 2011، أحسّ تنظيم الحمدين بأنه اقترب من الهدف، وأن عاصفة الخراب ستمتد إلى الجميع، وظنّ أنه من سيفاوض واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبكين كقائد أعلى لأنظمة كرتونية جديدة في الدول العربية سيديرها من الدوحة بالريموت كونترول، وبدأ الحمدان في الظهور بمظهر الفاتحين في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن، وبينما هما يستعدان لتصدير بذور مشروعهم التخريبي إلى دول أخرى، انكشف المستور وانفضحت المؤامرة وتعرّت سوءات المخادعين، ليجد النظام نفسه معزولاً منبوذاً مرفوضاً، ملعوناً من الجميع.

لذلك ازداد الحاقدون حقداً، والمتآمرون تآمراً، والمتحاملون تحاملاً، لنجد أنفسنا أمام حالة لا تشبه إلا ذاتها، ولا تعبّر إلا عن نفسها. حالة قطر تسير عكس التاريخ والجغرافيا والمنطق والقيم والثوابت، وهي تقرن وجودها بمنسوب العدوانية التي تتبناها والإرهاب الذي تدعمه والكذب الذي تروجه والشر الذي تدفع إليه.

Email