الدول كالأفراد تحتاج للنمو والتطوّر

ت + ت - الحجم الطبيعي

«في كل صباحٍ في أفريقيا يستيقظ غزال يدرك أنه يجب أن يعدو بخطوات أسرع من خطوات الأسود وإلّا كان الموت مصيره»... هذه العبارات البليغة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، قالها ذات يوم كي يعلمنا أن يكون سباقنا مع الزمن من دون تراخٍ أو توقف، فنحن في زمن أصبحت فيه عجلة التقدم تتسارع يوماً بعد يوم بحكم التطور التكنولوجي وتطور تقنيات الاتصال والذكاء الصناعي، فالتغيّرات السريعة في العالم طالت جوانب عديدة في حياة الدول المتقدمة، وما علينا إلا مواكبتها بإرادة واعية وتصميم على اللحاق باتجاه ما يفيدنا ويخدم مصالحنا ويسعد مجتمعنا، فخلال الخمسة عشر عاماً المقبلة ستوقف البرمجيات معظم الصناعات التقليدية، وعلى سبيل المثال فإن شركة (أوبر) ما هي إلا برنامج حاسوبي، فهي لا تمتلك سيارة واحدة لكنها اليوم تعتبر أكبر شركة سيارات أجرة في العالم.

ومثال آخر شركة (آر بي أن بي) العقارية والتي تعتبر أكبر شركة فنادق بالعالم، رغم أنها لا تملك أي عقار، إنه الذكاء الصناعي.

وفي الولايات المتحدة لا يستطيع المحامون الشباب الحصول على عمل اليوم لأن برنامج (أي بي أم) واتسون القانوني يقدم مشورة قانونية في القضايا العامة الأساسية خلال ثوان بدقة تصل نسبتها إلى 90 % أفضل من الـ 70 % التي يقدمها المحامون من البشر.

وبالنسبة للصحة فإن برنامج واتسون باستطاعته تشخيص مرض السرطان بدقةٍ متناهية، بل وأفضل من تشخيص البشر أربع مرات، وسيكون الحاسوب عام 2030 أكثر ذكاءً من أي إنسان.

وقد تفلس معظم شركات السيارات، وستحاول شركات السيارات التقليدية أن تتبنى منهج التطوير لصناعة سيارات أفضل مما عليه الآن، بينما ستحاول شركات التكنولوجيا الحديثة مثل تيسلا وأبل وغوغل أن تبني منهج التثوير ببناء حواسيب قيادة.

وإن السيارات الكهربائية ستصبح الأكثر انتشاراً على مستوى العالم ابتداء من العام 2020م وسيتراجع ضجيج المدن، فالسيارات الجديدة تسير على الكهرباء بشكل أنظف وأرخص.

وهذا غيض من فيض التغيرات التي بدأت وسوف تتوالى لتغير وجه العالم، وصارت الدول المتقدمة خاصةً تتبارى في توظيف التكنولوجيا والذكاء الصناعي وتحقيق ابتكارات جديدة تخدم النمو المجتمعي والاقتصادي، ويكاد العالم ينقسم إلى قسمين، فالدول التي تحقق تقدماً في هذا المجال تسارع الخطى للمزيد من التقدم من جانب، ومن جانب آخر الدول التي تخلفت عن الركب سيكون مآلها إلى المزيد من التأخر والتخلف.

ومرة أخرى، يؤكد لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذه الحقيقة، حيث طالعتنا الصحافة قبل أيام بكلام في تويتر لسموّه بكلمات واضحة، وبحكمةٍ تعبر عن الدراية والخبرة والتجربة حين قال: «علمتني الحياة أن الدول كالأفراد تحتاج للنمو والتطور والتغير المستمر، وأن الحكومات يمكن أن تصيبها الشيخوخة إذا لم تجدد شبابها بالابتكار والأفكار، وأن من لا يغير تتغير عليه الظروف فيتراجع، ومن لا يعلم كيف يواكب زمانه فإن الزمان يعلمه بالطريقة القاسية أنه أصبح متخلفاً ومتراجعاً».

وهكذا هم القادة العظماء في التاريخ، هم معلمون للأجيال، وهم مخططون استراتيجيون، ينظرون بعيداً، وتتفاعل عندهم الخبرة مع الذكاء والفطنة وبعد النظر لتأتي ثمار الحكمة ناضجة، تشرق على الحاضر وتنير دروب المستقبل.

ولقد حبانا الله نحن (عيال زايد) حكاماً حكماء نغرف من حكمتهم ما يشد أزرنا ويقوي عزمنا ويمهد طريق التقدم والنجاح أمامنا.

ومن حكمة قيادتنا الاهتمام بالعلم والثقافة وتشجيع الابتكار، حتى أصبح ذلك من مفردات حياتنا اليومية، وصار التنافس بين شبابنا في مجال التقنيات والذكاء الصناعي مبعث فخر وسعادة، ونحن على ثقة بأن دولتنا وفق هذا النهج ستكون في مقدمة الركب العالمي دائماً، وتبقى تتمتع بشبابها الدائم على طريق العلم والمعرفة والتطور الحضاري، وكل عام وقيادتنا وشعبنا بخيرٍ وأمنٍ وتقدمٍ.

 

 

Email