انتخابات نصفية للكونغرس الأميركي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد الولايات المتحدة انتخابات نصفية لمجلس النواب المتكون من 435 مقعداً، ونحو ثلث من أعضاء مجلس الشيوخ في 6 نوفمبر المقبل. وتأتي الانتخابات النصفية سنتين بعد الانتخابات الرئاسية وسنتين قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتعد هذه الانتخابات النصفية مؤشر على مدى الرضاء عن الرئيس. وإذا ما نظرنا إلى النمط السائد لهذه الانتخابات فهي ترجح كفة الحزب الخارج عن السلطة.

في فترة رئاسة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، خسر الديمقراطيون أغلبيتهم في مجلس النواب في العام 1994. وكذلك الحال لحالة لجورج بوش الابن، الذي خسر فيها الحزب الجمهوري لأغلبيتهم في مجلس النواب في العام 2006. وأيضاً تكررت الحالة مع أوباما حين خسر الديمقراطيون الأغلبية في مجلس النواب في العام 2010.

والسؤال الذي يدور حوله السجال في المجتمع السياسي الأميركي اليوم هو ماذا ستسفر عنه الانتخابات الأميركية النصفية؟ هل سيخسر الجمهوريون الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، أو أحد المجلسين؟ وإذا كان صحيحاً أن الانتخابات النصفية مؤشر عن الرضاء على الرئيس الحالي، فإنها بلا شك كارثة كبرى على الحزب الجمهوري لأن الرئيس في أكثر من مأزق قانوني وشخصي وسياسي.

وتبدو أن المؤشرات الحالية لا تنم على نتائج متفائلة بالنسبة للحزب الحاكم. وقد ذكر تقرير لصحيفة النيويورك تايمز، الأوسع انتشاراً، أن الجمهوريين خسروا شعبيتهم في كل الانتخابات الخاصة التي جرت منذ أن استلم الرئيس ترامب الحكم في يناير 2017.

والأدهى والأمر أن الجمهوريين خسروا كثيراً من الدعم حتى في المقاطعات الأكثر محافظة، الذي فاز فيها ترامب بفارق كبير. ففي ولايات محافظة مثل أريزونا وألباما، التي تعد من معاقل الجمهوريين فإن الأداء بالنسبة للحزب الجمهوري كان واهناً.

وعلى سبيل المثال، فإن الرئيس ترامب طار الأسبوع الماضي إلى ولاية أوهايو لتقديم الدعم لمرشح جمهوري في المقاطعة الثانية عشرة، التي كان الجمهوريون يسيطرون عليها منذ 1939 (ما عدا سنتين)، وأصبحت الآن في مهب الريح.

وقد أخفق الرئيس ترامب في معرفة اسم المرشح، وذكر اسم شخص لم يكن يجري أصلاً في هذه الانتخابات. ويتفوق المرشح الجمهوري على غريمه الديمقراطي في هذه المقاطعة بفارق ضئيل (أقل من واحد في المئة)، وقد يخسرها في الانتخابات الخاصة، التي عقدت في 7 أغسطس. والمفارقة أن هذه المقاطعة صوتت لترامب بفارق 11 نقطة. والى كتابة هذه السطور فإن الانتخابات لم تحسم بعد رغم مرور ثلاثة أيام.

ويخلص المقال إلى أن الجمهوريين سيواجهون انتخابات محتدمة في مناطق عدة في نوفمبر المقبل. وإذا ما استمر الحماس للحزب الديمقراطي بالوتيرة نفسها فإن احتمال سيطرة الديمقراطيين على مجلسي الشيوخ والنواب سيصبح أمراً وارداً.

وقد يكون الوقت مبكراً للتنبؤ بمن سيفوز بسبب أن المرشحين من الحزبين لم يتحددوا كلهم بعد، وأن الانتخابات الأولية للإعلان عن المرشحين، الذي لا يزال يجري في كثير من الولايات أو سيجري في الأسابيع المقبلة، سيكون لها أثر في حسم النتائج النهائية لهذه الانتخابات التي ستبدو أنها ستكون فارقة. إضافة إلى أن الاستطلاعات قد تتغير بسبب عوامل قد تظهر قبيل موعد الانتخابات وتؤثر سلباً أو إيجاباً على الحزبين.

ويعتقد المحللون للانتخابات الأميركية أن هناك موجة ديمقراطية ستقتحم المعترك السياسي هذه السنة، إلا أنهم يحذرون من أن معظم المقاطعات الانتخابية محسومة سلفاً لأحد الحزبين بسبب التقسيمات الجغرافية لهذه المقاطعات.

وتبقى نحو خمسين مقاطعة متأرجحة يستطيع الديمقراطيون من خلالها قلب الموازين في مجلس النواب. ويحتاج الديمقراطيون إلى 24 مقعداً إضافياً لتشكيل الأغلبية في المجلس. وهذا العدد ليس بالعدد القليل لأي حزب أن يكتسبها.

ولكنْ هناك عاملان مهمان يجب أن يكونا في الحسبان، الأول هو التحسن الملحوظ في أداء الاقتصاد، الذي سيدعم حزب الرئيس الجمهوري. والعامل الآخر هو شخصية الرئيس نفسه أكثر من سياساته.

فالرئيس يتسم بسلوك خلافي، وخاصة مع الناخبين الإناث، ما قد يؤثر سلباً على حظوظ المرشحين الجمهوريين. وفي الوقت نفسه فإن قاعدته الانتخابية التي أوصلته للحكم تتحلى بالتزام قوي تجاه ترامب، ما يعني دعماً كبيراً لمرشحي حزب الرئيس.

وتشير استطلاعات الرأي التي هي بمثابة مؤشر رئيس في الانتخابات إلى أن احتمال سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب كان بمعدل 3.1% ليرتقي إلى 7.1% بعد ذلك. وترجح كثير من التوقعات المبنية على نماذج رياضية فوز الديمقراطيين في الانتخابات المقبلة. ويرى أحد هذه التوقعات أن حصيلة الانتخابات ستكون على الأرجح 231 عضواً ديمقراطياً مقابل 204 أعضاء جمهوريين، وبذلك يحقق الديمقراطيون أغلبية.

وإذا ما تحققت هذه التنبؤات فإن رئاسة ترامب ستقع في حيص بيص. أول الأثافي ستكون عدم قدرة الرئيس بتمرير مشاريعه الرئيسة، مثل الجدار العازل مع المكسيك، ثانيها، لن يستطيع الرئيس أن يطمح لتركة يسجل بها اسمه في التاريخ، أما ثالثة الأثافي فهي إذا ما حصل المحقق الخاص روبرت مولر على أدلة تدين الرئيس فإن إدانته ستكون حتمية مع كونغرس أغلبيته ديمقراطية.

 

 

Email