رمضان الخير في بلد الخير

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام زايد الخير هذا، وفي بلدنا الذي لا ُيذكر إلا ويذكر الخير رديفاً له، يطرق بابنا شهر رمضان الكريم حاملاً معه ذكريات الأمس وألق الحاضر وأمل المستقبل مهللاً ومبتهلاً وسعيداً للخير الذي تغدقه دولتنا في أرجاء المعمورة للمرضى والمنكوبين والمحتاجين، حتى صارت وللعام الخامس على التوالي الأولى عالمياً في تقديم المعونات والمساعدات.

وليس مرد ذلك لكوننا دولة غنية منّ الله عليها بالخيرات، فهناك دولٌ أغنى وأكبر منا مساحةً وسكاناً لكننا تفوقنا عليها لماذا؟ لأننا أهلُ خصالٍ ورثناها كابراً عن كابر من بينها الجود والكرم، ومن شيمنا إغاثة الملهوف وإكرام الضيف ومساعدة المحتاج.

ولا أقول ذلك تباهياً أو فخراً فكل العالم يشهد للشعب الإماراتي بخصاله العربية الأصيلة وبما يقدمه من أموال للشعوب المنكوبة أو المحتاجة، وحين أقول سيحل رمضان بيننا وهو في أسعد حال، لأن رمضان لا يريد من الصائمين الكف عن الطعام والشراب أياماً معدودات فقط، بل وما يريده أيضاً هو التحلي بالصفات والقيم النبيلة التي ترضي المولى عز وجل ويفوح مسكها في العالمين.

عاماً بعد عام تتأصل يد الخير الإماراتية بالعطاء الإنساني البحت فيما تتسع درجة ابتعاد البشرية عن القيم الأخلاقية وتنحو باتجاه العنف.

وكان يقال إن الحضارة والتقدم يبعدان الشعوب عن القيم النبيلة والأصيلة، وها نحن نتقدم ونبني حضارة ومجتمعاً متحضراً يؤمن بالعلم ويستخدم التكنولوجيا، لكننا لم نتخلّ عن قيمنا ولا عن جذورنا، بقينا نجسد المعاني الإنسانية في سلوكنا وتعاملنا مع الآخر، ألا تصلح تجربتنا أن تدرس ويتعلم منها من يريد أن يبني مجتمعاً متطوراً سليماً بدل التوهان الذي نراه في الكثير من دول المنطقة ومنها أقرب جيراننا؟

لعلّ في هذا الشهر الفضيل ومعانيه ما يجعلهم يعيدون النظر في تطرفهم وإسفافهم وتجنيهم على قيمنا العربية الأصيلة.

ولكيلا تبعدني السياسة عما أريد قوله ونحن مقبلون على هذا الشهر الفضيل، ففي كل عام تتجلى صور الاحتفاء بقدوم هذا الشهر المبارك في بلادنا الحبيبة بدءاً من الأسرة الصغيرة ومشاوير التسوق إلى المحلات التجارية التي تتبارى في إظهار بضاعتها من كل الأشكال والأصناف خاصة تلك التي تتميز بها موائد رمضان.

أما الأسرة الكبيرة فقد بدأت استعداداتها بمد يد الكرم والخير لأبنائها في كل مكان (مرتب إضافي لكل الموظفين يصرف قبل العيد صدر بقرار من رئيس الدولة، حفظه الله ).

وموائد الرحمن التي ستقيمها المؤسسات الخيرية والأفراد في جميع الإمارات وهي على شكل خيم وسرادقات يتم تجهيز وجبات الإفطار بها للصائمين على طول أيام شهر رمضان، في الإمارات ستزدهي الجوامع بصلاة التراويح وتكتسي بحلل الأضواء وتوافد المواطنين والمقيمين أسراباً، حيث تغمر القلوب المشاعر الإيمانية والسعادة.

كما ستعلن الأسرة الكبيرة عن العديد من المراحم كإطفاء ديون المعسرين، وإطلاق سراح الموقوفين ممن قاربت محكومياتهم على الانتهاء ليقضوا العيد بين أهلهم وذويهم، وللأسرة الكبيرة التي تمثلها قيادتنا الرشيدة أيادٍ للخير لا نعلمها، فلا يطرق بابها متضايق من أمر أو محتاج إلّا ولبت دون أن تعلن عن ذلك إلّا ما تقتضيه ضرورة ما.

ومما تتميز به أيام رمضاننا، المجالس الرمضانية التي تعد بحق مدارس للعلم والثقافة والمعرفة واستعادة ذكريات الماضي وعطاء الآباء والأجداد الذين ضحوا وجاهدوا لبناء دولتنا وسلمونا الأمانة لنواصل العطاء،.

وتنتشر هذه المجالس في جميع إمارات الدولة والتي تقيمها المؤسسات الثقافية والعلمية أو الشخصيات الثقافية كتقليد رمضاني أحياناً تناقش في هذه المجالس بعض المشكلات المجتمعية أو الصحية، ويطرح ذوو الخبرة الحلول والآراء التي يستفيد منها المشاركون في المجلس الرمضاني.

حفظ الله دولتنا الإمارات وقيادتنا الرشيدة الساهرة على راحتنا وأمننا والساعية بكل نبلٍ وإخلاص لإسعادنا ورفع شأننا بين شعوب الأرض، ورمضان مبارك على الجميع.

* رئيسة رواق عوشة بنت حسين الثقافي

 

Email