تحية لصانع الأمل الكبير

ت + ت - الحجم الطبيعي

ياما تغنى الشعراء بالأمل وجعلوه الدواء الشافي لأحزانهم، فذاك الطغرائي يقول في لاميته الشهيرة: أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحةُ الأملِ

وياما استعاد الحزانى توازنهم به وياما رسم الآباء والأمهات أحلامهم بأبنائهم من خلاله، وما من زارع إلا ويحدوه الأمل بجني ثمار ما زرع... فلله در الأمل وهو يرسم أمام مدارج الحياة طرقاً للذين يسعون واثقين بأن لسعيهم في الحياة نصيباً من الخير يتناسب مع ما سعوا فيه من أجل الخير.

فالأمل كما عرفناهُ بلسماً، وعرفناهُ نوراً يضيء بالتفاؤل، لكننا لم نتعرف على مصطلح (صناعة الأمل) إلّا بعد أن أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله هذا المصطلح وجعل من الأمل مادةً تصنع بإرادة الإنسان الخيرة وسعيه واجتهاده.

لقد جاءت مبادرة سموه باسم (صنّاع الأمل)، وحين سمعنا بها تساءلنا، من هم صنّاع الأمل وكيف يصنع؟

حين قال محمود درويش في إحدى قصائده: هنا عند منحدرات الغروب وفوّهة الوقت/ قرب بساتين مقطوعة الظل / نفعل ما يفعل السجناء / وما يفعل العاطلون عن العمل (نربّي الأمل) كان معقولاً أن نربّي الأمل أي نغذيه بالتفاؤل، نغذيه بتشجيع الذات والثقة بالمستقبل، لكن أن نصنع الأمل، باعتقادي كباحثة اجتماعية هو مصطلحٌ جديد على علمي النفس والاجتماع.

فكيف يُصنع الأمل؟..

لنترك السؤال ثم نعود إليه في ما بعد ونرجع إلى المبادرة فقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله الدورة الثانية من مبادرة «صنّاع الأمل» كأكبر مبادرة عربية تهدف إلى تكريم البرامج والمشاريع والمبادرات الإنسانية والمجتمعية، التي يسعى أصحابها من خلالها إلى مساعدة الناس من دون مقابل، ونشر الأمل وترسيخ قيم الخير والعطاء، وتعزيز الإيجابية والتفاؤل، وتكريس واقع أفضل في حياة الناس من حولهم وصناعة الفرق في حياة الناس. وتسعى المبادرة إلى جمع عشرات الآلاف من قصص الأمل في الوطن العربي من خلال تقصي قصصهم وإلقاء الضوء على صنّاع هذه الآمال، وأصحاب المشاريع والبرامج النبيلة ورصد جهودهم والاحتفاء بها.

الآن اتضح أمامنا كيف يصنع الأمل ومن هم صنّاعه، صناعة الأمل عبارة عن جهد تطوعي استثنائي يستغرق صانعه أياماً وليالي وربما شهوراً وأعواماً، كأي صناعة تحتاج الجهد والزمن والإرادة والتحدي، لكن ما المواد الأولية لصناعة الأمل؟ إنها النبل الذي يطلقه الإنسان لنشر الخير والمحبة والمنفعة للآخرين، إنها الروح النقية الصافية التي تجد في صناعة الأمل للآخرين وإحياء نفوسهم الذابلة والمتعبة سعادةً لا تناظرها سعادة، إنها الإيمان بأن ما يقدمه الإنسان من خير من دون أن يفكر بمقابل وقد يواجه من خلاله المخاطر وقد يضحي بنفسه وماله ووقته لا يعنيه ذلك أمام أن يسقي النفوس التعبى جرعات الأمل ومواصلة التحدي، إنها كرم الأخلاق الذي يجعل النفس تتسامى بالتضحية والإيثار، ومن يملك هذه السمات حتماً هو صانع بارع للأمل ولا حياة بلا أمل فهو النسغ الذي يغذي شجرة الحياة.

و(صنّاع الأمل) ما جاءت إلّا من رجل هو أكبر صانع للأمل، وصانع لكل المشاريع التي تصاعدت نهوضاً حضارياً وتنموياً، هو من لا ينام إلّا ويصبح على الناس بفكرةٍ جديدة أو مشروعٍ أو قصيدةٍ أو اجتماع ٍ يضخ من خلاله الطاقة والإلهام لشعبه ليواصل العطاء بهمةٍ تسخر من المستحيل.

هو صانع الأمل لأهله ولشعبه وللملايين من العرب، وللكثير من المحتاجين على وجه البسيطة.

فتحيةً لصانع الأمل الأول، ولكل من يصنع الأمل للناس بعطائه وتضحياته.

Email