Ⅶأصداف

رحلة الأدب.. من بين دفتي الكتاب إلى شاشة السينما!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتقد الكثيرون أنه من المستحيل أن ترتقي السينما لتوازي تجربة قراءة الروايات العظيمة! في أغلب الأحيان، أرى غير ذلك، فلطالما أمتعتنا السينما بتجسيد الروايات العظيمة في أفلام غاية في الروعة والإتقان؛ أبدع في صناعتها المخرجون وكتّاب السيناريو والممثلون، وكل فرق العمل التي تضطلع بالمهام المعقدة لتقدم لنا قصصاً مدهشة، تنبض بالحياة على الشاشة الكبيرة، ولكن رحلة الرواية من الأوراق إلى الشاشة الكبيرة لا تتكلل دائماً بالنجاح، وكم أشعر بالإحباط عندما تخفق السينما في الارتقاء لمستوى رواية من رواياتي المفضلة.

مما لا شك فيه أن الأفلام الناجحة تخدم الكتّاب، وتوفر لهم فرصة كبيرة، فالمؤلف لا يستفيد «مالياً» من حقوق الفيلم فقط، بل من خلال زيادة مبيعات كتبه، بعد عرض الفيلم، إضافة إلى اتساع دائرة القرّاء، وهي نتيجة إيجابية تسهم في التعريف بالمؤلف في جميع أنحاء العالم!

ولكن إلى أي مدى تؤثر علينا مشاهدة الأفلام قبل قراءتنا لرواياتها الأصلية؟ وهل يمكن أن نطلق العنان لخيالنا ونحلق في تخيل الشخصيات والأحداث بعد أن تستوطن خيالنا شخصيات الممثلين والأماكن والأحداث المرئية على شاشات السينما؟

لقد أحببت الفيلم المقتبس من رواية الكاتبة الأميركية هاربر لي، «أن تقتل طائراً بريئاً» كثيراً، لكنني كنت قد قرأت الرواية أولاً، ولقد رسخ الفيلم لديّ فهماً عميقاً للقضايا الرئيسة التي ترتكز عليها القصة، وكان أداء الممثلين رائعاً، واستحق «جريجوري بِك» الأوسكار عن تجسيد دور «أتيكوس فينش» بكل جدارة واقتدار.

تُعد مشاهدة الفيلم تجربة مجزية للغاية، ورؤية لقصة عظيمة من منظور مختلف. ومن المعروف بأن «هاربر لي» فازت بجائزة بوليتزر عن الرواية، وبلا شك فإن الرواية والفيلم من الروائع الخالدة.

صدرت رواية خالد حسيني الأولى «عداء الطائرة الورقية»، عام 2003، وتربعت على عرش الكتب بين عشية وضحاها، ثم تحولت لفيلم يحمل ذات العنوان، عرض لأول مرة في مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2007، وحظي بتقدير كبير، حيث شارك الكاتب والممثلون الأطفال القادمين من أفغانستان في الفعاليات المرافقة للعرض.

شعرت أن الفيلم جسّد الرواية بصدق وأمانة، وقد أضفى اختيار الأطفال الأفغان، الذين ليس لديهم خبرة سابقة في التمثيل، لتأدية الأدوار الرئيسة مصداقية وأصالة على أجواء الفيلم.

جميعنا لديه أفلام مفضلة نقلت وجسدت الروايات التي نحب بكل صدق وإبداع وأمانة، وهذا طبعاً لا يلغي حقيقة أننا أيضاً في أحيان أخرى نتمنى لو أن الروايات لا تتحول إلى أفلام أو أعمال درامية كي لا تفقد الكثير من قيمتها.

وقد أدرك منظمو مهرجان طيران الإمارات للآداب، منذ انطلاقته عام 2009، الأثر الكبير الذي تحدثه الأعمال التي تتحول لأفلام، وبأنه لا بد لمبدعي الروايات والسير الذاتية أن يضعوا السينما نصب أعينهم. وفي كل عام ينظم المهرجان جلسة خاصة للأعمال الأدبية، التي يتم تحويلها إلى أعمال سينمائية بحضور كتّابها، ما يتيح الفرصة لمعرفة كيف يرى الكتّاب تجسيد الأفلام لرواياتهم، وكيف ينظرون للشخصيات، وللأجزاء المقتطعة وللنهايات التي يتم تحويرها، وهناك دائماً حوار محتدم ماتع للغاية.

يحتضن المهرجان في الذكرى العاشرة لتأسيسه، في دورة 2018 كوكبة متميزة من الكتّاب الذين تحولت رواياتهم لأفلام حصدت الجوائز العالمية، ويرحب المهرجان بأولئك المبدعين، الذين يشاركون قصصهم مع الملايين من القرّاء، بسعادة غامرة.

بالحقيقة لم يكن التفكير في السفر إلى الفضاء من أمنياتي، ولم أشعر أبداً أنه من الأمور التي يجب القيام بها، ولكن عندما قرأت «المريخي» للكاتب «أندي وير»، ثم شاهدت الفيلم الرائع المذهل المأخوذ عن الرواية، الذي قام ببطولته «مات دامون»، بدأت تساورني أفكار جديدة!

سيحدثنا «أندي وير» في المهرجان، عن «المريخي»، وعن أحدث رواياته، «أرتيمس» وعن النظريات العلمية التي خدمت روايتيه وألبستهما ثوب الحقائق.

أما جين هوكينغ فسوف تحدثنا عن «السفر إلى المالانهاية»، سيرتها الذاتية مع زوجها الاستثنائي، الفيزيائي العبقري ستيفن هوكينغ، وعن الفيلم المأخوذ عنه، الحائز جائزة أوسكار، «نظرية كل شيء».

وقد حقق فيلم «Lion» بطولة ديف باتل نجاحاً كبيراً، والفيلم مأخوذ عن السيرة الذاتية لرجل الأعمال الأسترالي- الهندي سارو بريرلي، «طريق طويل للبيت»، الذي استقل القطار وهو صغير ليضل طريقه ويضيع عن عائلته، وينتهي به الأمر في أستراليا، وقد نقل الفيلم القصة الواقعية بعمق إنساني كبير يأسر القلوب.

ولا يفوتني أن أذكر الكاتبة «شيريل سترايد» التي تحولت روايتها «Wild» إلى فيلم مؤثر من بطولة «ريس ويذرسبون»، و«جيمس داشنر»، مؤلف سلسلة عداء المتاهة، الذي تم اقتباس ثلاثة أعمال من أعماله وتحولت لأعمال سينمائية، آخرها فيلم عرض مؤخراً.

ندعوكم لفعاليات مهرجان طيران الإمارات للآداب 2018، الشهر المقبل لاستكشاف رحلة الأفلام الشهيرة، منذ أن كانت في مخيلة كتّابها، إلى أن غدت أفلاماً شهيرة تتسابق الجماهير لمشاهدتها.

Email