مراكز «توجيه» ضرورة حضارية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وفق معايير برنامج الإمارات للخدمات الحكومية المتميزة، وفي إطار استراتيجية وزارة الموارد البشرية والتوطين، والتي تهدف إلى تهيئة وتجهيز سوق العمل الإماراتي عبر تمكين الكفاءات الوطنية من العمل في القطاع الخاص، وبناء منظومة شاملة لحماية الحقوق العمالية، وضمان مصالح أصحاب العمل.

فضلاً عن تقديم الخدمات المتميزة للمتعاملين تحقيق الصدارة للإمارات كإحدى أفضل الوجهات للعيش والعمل في العالم، وبما يكرس الأمن والاستقرار في الدولة، التي تضم نسيجاً اجتماعياً متعدد الثقافات والأعراق، لتصبح الإمارات ملاذاً آمناً للاستثمارات والشركات العالمية‘ قامت الوزارة باستحداث عدد من المراكز الخاصة، التي ستقدم العديد من الخدمات نيابة عن الوزارة وتحت إشرافها، وذلك من خلال شراكة مؤسساتية مع القطاع الخاص ومنها مراكز توجيه.

وعلى الرغم من أهمية الاختصاصات التي حددتها الوزارة لمراكز «توجيه»، والتي تعنى بتقديم خدمات متكاملة لأصحاب العمل من حيث التوجيه والتوعية بأحكام تنظيم علاقات العمل والقرارات الوزارية المنفذة له، وتسليم تصاريح وعقود العمل، وإصدار شهادة العمل للعمال، وتوزيع وإيصال مواد ونشرات التوعية لطرفي علاقة العمل وأية رسائل تخص سوق العمل، إلا أن هناك دوراً حضارياً كبيراً لهذه المراكز يتمثل في التعريف بثقافة مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة.

وهو دور اتصالي مهم في رسم صورة ذهنية عن الإمارات، وكذلك يمثل قيمة نوعية في القوة الناعمة للدولة عبر التعريف بها لقطاع عريض من الأفراد أياً كانت مستوياتهم التعليمية وطبيعة الأعمال التي يقومون بها، إلا أن قيام مراكز «توجيه» بهذا الدور.

فضلاً عن الأدوار الإجرائية الأخرى المتعلقة بحركة العمل والتوعية بالقوانين، لا شك يمثل حالة من حالات التنمية الثقافية التي تؤكد الوجه الحضاري للدولة، وتحد من المشكلات التي تنتج عن عدم المعرفة أو الجهل بالقوانين والثقافات.

وإذا كان المثل العربي القديم يقول «إن الغريب أعمى ولو كان بصيراً» فإن هذا الدور التعريفي والتبصيري هو دور ثقافي مهم وحيوي، وبخاصة أنه يتم عبر الاتصال المباشر، وهو أقوى أشكال الاتصال وأكثرها تأثيراً، كما أنه يمكن من خلاله من التأكد من وصول الرسالة بشكل واضح.

ولا شك أن هذا الدور التوعوي لهو خطوة استباقية يمكن أن تمنع الكثير من الظواهر التي لا نرغب فيها، وبخاصة أن الإمارات صار العمل بها والعيش فيها أملاً يراود الأفراد من مختلف بقاع العالم، كما أن التنوع الكبير في الثقافات يتطلب أن تكون هناك خطوط واضحة يتعرف عليها القادمون إلينا، ولا شك أن ذلك الأمر يحدث في كافة دول العالم المتحضر.

بل وهناك العديد من البرامج في مختلف دول العالم التي توضح للقادمين العبارات الأكثر تداولاً، ومعناها، وما هو مقبول، وما هو غير مقبول في التعامل مع المجتمع المحيط بك، ذلك أن الخلفيات الثقافية تؤثر في السلوك، وبخاصة أن التجارب الأولى تدوم طويلاً.

من ناحية أخرى، فإن الشراكة القائمة بين الوزارة وبين القطاع الخاص في هذا النوع من المراكز الحضارية، والذي يتم في إطار من الضوابط الصارمة، يؤكد أهمية قيام ذلك القطاع بدوره في تحمل مسؤوليته الوطنية، من خلال مشاركة فعلية في مشروعات لها غايات وطنية غاية في الأهمية.

من ناحية أخرى فإن فتح المجال لأبناء الوطن للعمل في هذه المراكز هو وجه آخر للدور الحضاري لها، حيث إنه من خلال مرورهم عبر مراحل من التدريب والإعداد هو في ذاته دور تثقيفي وتوعي يقومون هم بحمله إلى القادمين إلى أرض الوطن، وبخاصة أن «أهل مكة أدرى بشعابها».

إن مراكز «توجيه»، والتي تشمل ما يقرب من أربعين مركزاً على مستوى الدولة، والتي استقطب ما يقرب من سبعمائة مواطن للعمل بها، وهو عدد مرشح للزيادة في قادم الأيام، تأتي في إطار التزام الوزارة بالقيم التي أرادتها من المهنية، واحترام كرامة الإنسان، والمبادرة والإبداع.

كما أنها تطبيق لأهدافها المتمثلة في تمكين الموارد البشرية الوطنية، وضمان حماية العمل، وتقديم خدمات متميزة، وترسيخ ثقافة الابتكار في بيئة العمل المؤسسي، وتقديم كافة الخدمات بمقاييس عالية من الجودة والكفاءة والشفافية.

إن هذه التجربة الرائدة والتي اتخذت لها عنوان «توجيه» لتؤكد أدوارها الإدارية والتنموية المهمة، فضلاً عن أدوارها الحضارية التي تعد الوجه الآخر والأساس.

 

Email