أميركا اللاتينية.. إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تؤشر الانتخابات الرئاسية في تشيلي، إلى جانب السباق في هندوراس في 26 نوفمبر، إلى بداية دورة انتخابات في أميركا اللاتينية. وبنهاية 2018، سيكون لكل من كولومبيا والمكسيك والبرازيل وكوستاريكا وباراغواي وربما فنزويلا قادة جدد منتخبون.

كما في تشيلي وهندوراس، ستكون هناك مفاجآت، لكن هناك قضايا معينة لها أهمية في كل تلك البلدان: الفساد، الجريمة والعنف، عدم الرضا عن الديمقراطية، والإحباط المتزايد حيال الأداء الاقتصادي المتواضع أو المروع الذي طال كثيراً.

في بعض الحالات، مثل المكسيك والبرازيل وكولومبيا، يمكن أن تدفع الانتخابات بأشخاص إلى المنصب من «خارج الطبقة السياسية»، فعليين أو فائزين. وفي غيرها، قد تثير انحيازاً ضد شاغر المنصب، ربما في انتخابات الجولة الثانية في تشيلي، كما في فنزويلا إذا ما جرت انتخابات، وفي كولومبيا وعدد صغير من الدول، سوف تتغلب الاستمرارية على أي تغيير خطير، حيث سيتمسك الناخبون بالنحس الذين يعرفونه على ذاك الذي يجهلونه.

في الواقع، الديمقراطية في أميركا اللاتينية تغدو أمراً طبيعياً رتيباً مقاومة للاضطرابات الكبرى. إذا كان هناك من خيط مشترك يسطر التسلسل في الانتخابات الرئاسية، فإنه يقع ربما في الطبيعة المثيرة للضجر لمعظم النتائج المحتملة. وتعتبر هذه أخباراً سارة للمنطقة.

ويؤكد ملخص سريع للنتائج هذا الأمر. وعلى الرغم من النفور من النخبة السياسية، فإن نسبة المشاركة في انتخابات تشيلي في الجولة الأولى الشهر الماضي كانت معادلة لما كانت عليه منذ أربع سنوات، أي عند 6.7 ملايين نسمة. الرئيس السابق سبستيان بنييرا، لم يعد واثقاً بالنصر في الجولة الثانية.

لكن إذا فاز بالانتخابات، فإن تشيلي سيكون قد حكمها من عام 2006 إلى 2022، هو أو رئيس الدولة المغادر ميشال باشليت، وهذا الأمر ليس سيئاً في ما يتعلق بالاستمرارية.

ومن جهتهم، ضاق المكسيكيون ذرعاً بنظام الأحزاب الفاسد، لكن المرشحين المستقلين الذين سمح لهم لأول مرة بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية يواجهون صعوبة في جمع التوقيعات الضرورية. وفيما يمقت البرازيليون السياسيين الفاسدين، يقود الرئيس السابق لولا دي سيلفا استطلاعات الرأي في انتخابات العام المقبل. وإذا سمح له بالترشح، فإنه قد ينتخب لولاية ثالثة.

وعلى الرغم من أن نيكولاس مودورو قد يخسر بالتأكيد في سباق رئاسي في فنزويلا 2018 إذا جرت انتخابات، إلا أن حزبه كان قادراً على الفوز بأعداد كبيرة من حكام الولايات العام الماضي. وقد تخطى العاصفة الناجمة عن الاحتجاجات الجماهيرية.

وفي كولومبيا، فإن التصويت في مايو المقبل يمكن تحويله إلى استفتاء على اتفاق خوان مانويل سانتوس مع منظمة حرب العصابات «الفارك».

فقط في المكسيك والبرازيل، هناك خوف فعلي من غزوة من «خارج الطبقة السياسية». خمس سنوات من الفساد، 10 سنوات من حرب دموية مكلفة على المخدرات، و25 عاماً من النمو الاقتصادي المتواضع، قد يوصل الناخبين المكسيكيين إلى أندريس مانويل لوبيز ابرادور.

وينبع الخطر في البرازيل من الجانب المعارض للطيف السياسي. جاير بولسونارو ليس من خارج الطبقة السياسية، لكنه يميني متطرف من مظليي الجيش السابقين المستبدين الذين يعتقدون إلى جانب الكثير من البرازيليين، بأن البلاد يجب أن تحكم بقبضة حديدية، ويشعرون بالغضب من الركود وفضيحة الفساد.

ومن غير المحتمل أن ينتخب بولسونارو بفضل نظام الجولتين للانتخابات، لكن مجدداً، سيكون اختباراً للمؤسسات القوية في البلاد، إذا ما استمر في احتلال المركز الثاني في معظم استطلاعات الرأي.

مسح تلو آخر للمنطقة أظهر أن الأميركيين اللاتينيين غير راضين على ديمقراطيتهم وعلى وضعهم الاقتصادي والاجتماعي، ومستائين بشكل متزايد من الولايات المتحدة، لكن على الأرجح أن أحداث الانتخابات في أميركا اللاتينية العام المقبل لن تأتي بشيء مثير.

 

Email