رأي

حمد وعبد الناصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أشار الجزء الأول من البرنامج الوثائقي الذي بثته قناة «العربية» عن تاريخ تنظيم الحمدين، أن الانقلابي حمد بن خليفة كان يحاول أن يتقمص شخصية جمال عبد الناصر، وهو ما سبق أن ذكرته شخصيات عرفت أمير قطر السابق عن قرب، حيث أشارت إلى أنه كان يضع صورة الزعيم المصري الراحل في مكتبه، وأنه أراد لقناة «الجزيرة» أن تقوم بالدور ذاته الذي كانت تقوم به إذاعة صوت العرب خلال الحقبة الناصرية.

روى لي مسؤول ليبي سابق أن حمد بن خليفة كان كثيراً ما يقول للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي أنه يلتقي معه في الإعجاب بفكر ومواقف ناصر، بل وكان يناديه أحياناً بـ«أمين القومية العربية»، ويتقرب منه بالقول إنه يرى فيه وريثاً لعبد الناصر، ولكن القذافي كان يضحك من ذلك، وما أن يرحل حمد من مجلسه، حتى يفضفض لمساعديه بأن حمد ليس أكثر من عميل يحلم بدور أكبر من حجمه، وأن أكثر ما لديه أنه ينقل كل ما يدور بينهما بأمانة إلى واشنطن وتل أبيب.

ويبدو أن جنون العظمة الذي جعل الأمير الانقلابي يعتقد أنه وريث عبد الناصر، هو الذي دفع به إلى ربط علاقة صداقة الكاتب الصحفي المصري الراحل مع محمد حسنين هيكل الذي قام بدور مهم في المرحلة الناصرية، حتى أنه كان يحضر محاضراته في الدوحة، ويدعوه في مناسبات عدة إلى لقاءات هادئة في منتجعات فرنسية وإيطالية وإسبانية، يستمع فيها حمد بكل انتباه إلى تحليلات «الأستاذ» حول القضايا الشائكة عربياً ودولياً.

كان عبد الناصر يدعم ثورات التحرر من الاستعمار بينما وجه حمد بن خليفة دعمه لـ «ثورات» العصابات والميليشيات ضد الأنظمة الوطنية والشعوب والمجتمعات.

كان عبد الناصر يدعو إلى الوحدة العربية، بينما كان حمد يخطط لإعادة إحياء الخلافة على أيدي الجماعات المتطرفة التي كانت في حرب معلنة مع النظام الناصري، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المتأسلمين.

كان عبد الناصر يدافع عن عروبة الخليج العربي، بينما تآمر عليها حمد، ومن بعده تميم، بالتحالف مع الفرس والأتراك والصهاينة، ولا يزالان يعملان على طمسها من خلال مخططاتهما التخريبية ضد الدولة الخليجية.

وكان عبد الناصر من أبناء المؤسسة العسكرية المصرية التي سعى نظام الدوحة ولا يزال إلى ضربها، عبر تمويله وتسليحه وتحريضه المستمر للجماعات الإرهابية.

وفوق كل ذلك، هناك اسم يختصر كل تناقضات حمد، هو يوسف القرضاوي، الإرهابي الإخواني الذي كان جزءاً من مخطط الإطاحة بنظام عبد الناصر، قبل أن يفر إلى الدوحة في العام 1963، وأصبح في ما بعد مفتياً «شرعياً» لمشروع الحمدين التخريبي في المنطقة العربية.

فهل يعقل أن يكون من كفّر عبد الناصر وتآمر ضده، ضمن الصف الأول من مساعدي رجل يدّعي أنه ناصري؟

Email