قطر عين إيران

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصاب الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، عندما قال إنه «يتعذر على البحرين حضور أي قمة أو اجتماع خليجي تحضره قطر ما لم تصحّح من نهجها وتعود إلى رشدها وتستجيب لمطالب الدول».

وحين أكد أنه «حان الوقت لاتخاذ إجراءات أكثر حزماً تجاه من يستقوي بالخارج لتهديد أمن أشقائه وسلامتهم»، حيث إن «اجتماعات وقمم الخير لا يمكن أن تلتئم بوجود من لا يريد الخير لهذه المنظومة ويعرقل مسيرتها المباركة».

فالقضية لا تتعلق بخلاف سياسي طارئ، ولا باختلاف في وجهات النظر حول مسائل إقليمية أو دولية، وإنما بمسألة مصيرية، ترتبط بها سلامة أوطان وشعوب، ويتعلق بها أمن واستقرار دول الخليج والمنطقة العربية، حيث إن «قطر أثبتت أنها لا تحترم المواثيق والمعاهدات والروابط التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي»، و«قطر مارست سياسات استهدفت أمن الدول الأعضاء في المجلس»، وفق ما ورد على لسان العاهل البحريني.

وإضافة إلى دور الدوحة في دعم المتآمرين على الإمارات والسعودية، والمخربين في البحرين، والمتمردين في اليمن، أضحى تحالفها المعلن مع نظام الملالي في إيران خطراً حقيقياً على منظومة مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي باتت الدوحة جزءاً من المشروع التوسعي الفارسي، ما يفرض تجميد عضويتها في المجلس، حتى لا تمثّل داخله صوت طهران وصداها.

قبل عشرة أعوام، تحديداً في 3 و4 ديسمبر 2007، أصرت الدوحة على حضور الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد القمة الخليجية الثامنة والعشرين التي انعقدت على أراضيها، ما أثار تحفظ الكثير من أبناء الخليج العربي، خصوصاً وأن تلك القمة كانت الأولى من نوعها التي تنعقد بحضور رئيس أجنبي.

واليوم، يتبين أن تلك الخطوة لم تكن عفوية، إنما تدخل في إطار تحالف استراتيجي بين قطر ونظام الملالي تعود بداياته إلى 1995، عندما شذ الأمير السابق حمد بن خليفة عن الإجماع الخليجي وانقلب على والده، وقرر أن يخرج عن قاعدة الوفاق والاتفاق في المنطقة، ليستقوي بالجانب الإيراني، رغم أن أي قارئ بسيط للتاريخ، أو عارف متواضع بالجغرافيا السياسية، يدرك أن إيران كانت دائماً ذلك العدو المتربص بالعرب، والساعي إلى التوسع على حسابهم، والمدعي بوجود حقوق تاريخية له في الدول الخليجية، وخاصة في مملكة البحرين التي اعترضت طهران على استقلالها في العام 1971، وسعت إلى وضع اليد عليها، ولم تتراجع عن ذلك الموقف إلا بعد تكليف لجنة أممية بتقصي الحقائق، ونقل تقريرها إلى مجلس الأمن الذي صادق في العام 11 مايو 1970 على قرار يؤكد فيه أن «الأغلبية الساحقة من شعب البحرين ترغب في الحصول على الاعتراف بهويتهم في دولة مستقلة وذات سيادة كاملة حرة في أن تقرر لنفسها علاقاتها مع الدول الأخرى».

إن تلك الحادثة وحدها تكفي لجعل مملكة البحرين تتوجس خيفة من التحالف القطري الإيراني، ومن العلاقة التآمرية التي تجمع بين نظامي الدوحة وطهران، وترفض أن يقوم تنظيم الحمدين بوظيفة يد وعين ولسان نظام الملالي في اجتماعات مجلس التعاون، وناقل ما يدور في الجلسات المغلقة إلى حكام طهران.

Email