رأي

حمد يدشن مرحلة السقوط

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد حوالي خمسة أشهر من عزلة نظام الدوحة، خرج حمد بن جاسم ليدشن ما يعتبرها المراقبون مرحلة السقوط، من خلال مقابلة تلفزيونية أكدت أن تنظيم الحمدين أفرغ كل ما في جعبته، وانتهى من استغلال جميع أدواته المشبوهة في الداخل والخارج، ولجأ لحرق ورقته الأخيرة التي سرعان ما تناثر رمادها دون أن تضيء أية زاوية من النفق المظلم الذي حشرت قطر نفسها فيه.

أولى الملاحظات أن بن جاسم ظهر هذه المرّة على التلفزيون الحكومي الرسمي بعد أن كان الديوان الأميري أصدر قراراً في منتصف يونيو الماضي بإلغاء مقابلة كانت أعلنت قناة «الجزيرة» أنها ستجريها معه، الأمر الذي يمكن فهمه على أن نظام الدوحة، قد دخل مرحلة من اليأس والضياع، وأدرك أنه على وشك الانهيار، فاتجه ليبحث عن صوته التائه في أجواء الأطلسي بين لندن وواشنطن، ثم استعاده تحت غطاء رسمي، عساه يقنع الشعب القطري بما لم يعد يقنع أحداً.

لقد أدرك تميم ومساعدوه أن أهل قطر الطيبين واليقظين، لن يستمعوا مجدداً إلى القرضاوي وعزمي بشارة، ولا إلى محللي «الجزيرة» وباحثي أكاديمية التغيير، ولا إلى الجماعات المؤدلجة، وتيارات الإسلام السياسي، ومسؤولي طهران وأنقرة، كما تبيّن أن الأصوات المحلية أضحت منتهية الصلاحية، خصوصاً بعد أن وصل الأمر بأحد زبانية النظام وهو محمد المسفر إلى حد التهديد باستعمال الغازات السامة لسحق القبائل الرافضة لسياسات الحمدين.

لذلك، تمت دعوة حمد بن جاسم كخيار أخير، لمخاطبة الشعب القطري، رغم حالة العداء الصارخ بينه وبين الأمير الحالي، والتي كانت وراء مغادرته الدوحة في يونيو 2013 بعد أن تسلّم تميم مقاليد الحكم من والده، حيث أكدت مصادر عدة أن تميم خيّر بن جاسم بين أمرين أحلاهما مر: إما الانسحاب في هدوء من المشهد السياسي والإعلامي، أو الملاحقة في الداخل والخارج بتهمة الفساد والسطو على المال العام والكسب غير المشروع.

وهناك دوافع عدة وراء الاستنجاد بلص الدوحة، منها علاقته الوطيدة بإسرائيل وباللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وبعض التأثير الذي يحظى به لدى أجنحة داخل الأسرة الحاكمة التي تشهد خلافات، أضحى بعضها معلناً، وخاصة بعد اضطهاد النظام لجناح آل علي، وتجميده لأرصدة الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، والشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، والكشف عن اعتقال عدد من أفراد الأسرة.

يضاف إلى ذلك، أن حمد بن جاسم معروف بعدائه لدول الجوار وخاصة المملكة العربية السعودية وبعلاقاته مع كل القوى المعادية لها، وبمواهبه الواضحة في فبركة وترويج الأكاذيب والأباطيل والإشراف على جوقات التضليل الإعلامي، وفي التخطيط للمؤامرات الجهنمي، ومخططات التخريب في المنطقة العربية.

ومن تابع مفردات المقابلة التي أجراها معه التلفزيون الرسمي، لا بد أن يستنتج أن حمد بن جاسم عاد هذه المرة ليكون آخر جدار يحاول أن يستند إليه نظام يعيش حالة التخبط المنذر بالانهيار.

Email