الحكومة البريطانية فى خطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أزمة داخل حكومتها ولا سيما في ملف مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي. بالرغم من خطابها في فلورنسا بإيطاليا الذي أعطى بعض التطمينات للمسؤولين الأوروبيين، فلم يحدث أي تقدم حتى الآن في المفاوضات.

ألمحت ماي إلى التزامات بريطانيا المالية الخاصة بميزانية الاتحاد حتى عام 2020، ووجود فترة انتقالية قد تستمر لمدة عامين بعد الخروج الرسمي في مارس 2019، وكذلك إلى أهمية مساهمة الأوروبيين المقيمين في بريطانيا.

في خضم تلك التصريحات من جانب ماي، فقد أظهر بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني بعض الامتعاض وعبر عن رؤيته الخاصة بانسحاب بريطانيا من الاتحاد في مقال بجريدة الديلي تليغراف وفي مقابلة تليفزيونية بعد ذلك. فقد أكد جونسون عدم تخطي المرحلة الانتقالية مدة عامين، وعلى عدم دفع أي أموال للوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة.

وتعالت بعض الأصوات المطالبة بإقالة جونسون من منصبه لأنه يظهر انقساماً داخل الحكومة. ولكن رئيسة الوزراء أكدت أن تعدد الأصوات واختلافها هو هام في التوصل لسياسة الحكومة عند إجابتها عن سؤال خاص بإقالة جونسون.

بصرف النظر عن الخلافات بين تيريزا ماي وبوريس جونسون، فإن مفاوضات الخروج تشكل معضلة تضع حكومة ماي في خطر كبير. إن الملفات الثلاثة موضع المفاوضات التي بدأت منذ يونيو الماضي لم تشهد تقدماً يذكر حتى الآن.

لم يوضح فريق التفاوض بقيادة دافيد ديفيس الوزير المسؤول عن ملف الخروج كيفية حل معضلة الحدود بين إيرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة وجمهورية إيرلندا، ومسألة بقاء الأوروبيين داخل بريطانيا بعد الخروج، وأخيراً فاتورة الخروج من الاتحاد.

وقد أكد البرلمان الأوروبي عدم انخراط الاتحاد في مفاوضات المرحلة الانتقالية قبل تحقق تقدم في الملفات الثلاثة قبل قمة الاتحاد 19 أكتوبر الجاري، وهو ما يصعب تحقيقه بالنظر إلى عدم الوضوح من فريق التفاوض البريطاني.

هناك بعض الأمور التي يمكن لفريق التفاوض أن يقدمها في هذا السياق مثل عمل حدود بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا مع إعفاء مواطني الجانبين من قواعد الهجرة والعمل الجديدة التي ستطبق بعد الخروج على مواطني دول الاتحاد الأوروبي.

يضاف إلى ذلك ربط بقاء الأوروبيين في بريطانيا والبالغ عددهم نحون 3.3 ملايين نسمة ببقاء البريطانيين في داخل دول الاتحاد والبالغ عددهم نحو مليون نسمة.

ويمكن تسهيل السفر للسياحة من دون تأشيرة ولكن يجب الحصول على تصريح عمل في حالة البحث عن عمل. يمكن أيضاً الاتفاق على دفع التزامات بريطانيا المالية حتى عام 2020 كما أشارت تيريزا ماي من دون دفع أي مبالغ أخرى.

لا أفهم ماذا يفعل فريق التفاوض منذ استفتاء الخروج ومنذ بدء المفاوضات في يونيو الماضي. يجب أن يساعد فريق التفاوض رئيسة الوزراء وإلا سيكون موقفها وموقعها كرئيسة للوزراء في خطر، وهذا يضع الحكومة التي تقودها في مرحلة حرجة.

يتطلع الشعب البريطاني إلى وضوح بهذا الخصوص حتى تكسب الأرضية التي خسرتها في الانتخابات العامة المبكرة التي جرت في يونيو الماضي وخسرت فيها حكومة المحافظين الأغلبية التي كانت تتمتع بها قبل الانتخابات. يجب أيضاً أن يتوقف بوريس جونسون عن التعبير عن وجهة نظره التي قد تظهر انقساماً داخل الحكومة، وقد يضعف من موقف فريق التفاوض في مفاوضات الخروج.

تحتاج تيريزا ماي إلى الحسم مع جونسون من جانب، وتقديم رؤية شاملة في ما يتعلق بملفات الخروج من جانب آخر لأن هناك ملفات داخلية أخرى تؤرق المواطن البريطاني مثل الرسوم الدراسية للجامعات، وعدم قدرة الشباب البريطانيين على شراء منزل لعدم توافر منازل يقدرون على شرائها، وشر الإرهاب الذي يهدد كل بيت في بريطانيا وذاقت البلاد مرارته خمس مرات هذا العام حتى الآن. إذا لم تستطع ماي معالجة قضية الخروج من الاتحاد فقد تخرج مبكراً من منصبها وقد يخسر حزبها الانتخابات القادمة.

 

 

 

Email