ألقوهم في البحر!

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم أن العرب تخلوا عن «إلقاء اليهود في البحر»، ورغم أنهم أكرموهم وتقاسموا معهم البحر والأرض والنهر، إلا أن الإسرائيليين ماضون في سحب الأرض من تحت أقدامهم، يمارسون عنصرية شوفينية ونازية جديدة ضد الفلسطينيين ويريدون فلسطين كلها «من البحر إلى النهر». لا بل يريدون قتلهم وإلقاء جثثهم في البحر كما طالبت نائبة رئيسة الكنيست «البرلمان» تعقيباً على العملية الفدائية النوعية في القدس، الثلاثاء الماضي، والتي قتل خلالها شاب فلسطيني ثلاثة جنود إسرائيليين من مسافة صفر، أي وجهاً لوجه.

الشاب منفذ العملية ليس تابعاً لتنظيم حسب أردان، إذاً، ثمة حقيقة يتعامى عنها اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، وهي أن ثمة شعباً في فلسطين يقاوم المحتل ويتصرف من وعي داخلي بأن هذه الأرض له،

ويستدل من مداولات اللجنة رفض أحزاب الائتلاف أن يدرج في النسخة الحالية شرطاً يعلن المساواة بين جميع مواطني الدولة، وذلك حسب ما أوردته صحيفة «هآرتس» التي أكدت أن اللجنة لم تصل إلى تفاهمات بكل ما يتعلق ببند «يهودية الدولة»، وعليه فإن الكنيست سيناقش ثانية التعديلات التي أدرجت على مشروع القانون. وذكرت الصحيفة أن الكنيست سيبحث مجدداً وسيعيد إعادة النظر في الشرط الذي يربط الهوية الديمقراطية لإسرائيل بأنها الدولة القومية اليهودية، ويظهر ذلك من وثيقة طاقم الاستشارة القانونية المرافق للجنة الخاصة لتشريع القانون بما يتوافق وطرح ومطالب أحزاب الائتلاف الحكومي.

وتبدي أحزاب الحريديم وحزب «كولانو» وحزب «يسرائيل بيتنو»، تحفظاتها على القانون، وذلك على الرغم من التعديلات التي أجريت عليه، وتلوح بالتصويت ضد القانون بحال عرضه على جدول أعمال الكنيست.

هذه التحفظات والمعارضة داخل حكومة الحاخامات وأكبرهم الحاخام نتنياهو تأتي على الرغم من التعديلات التي أجريت على مشروع القانون أخيراً،

وينص مشروع القانون إلى تفضيل يهودية الدولة على ديمقراطيتها، وعلى اقتصار حق تقرير المصير على الشعب اليهودي وحده. كما ينص على تغيير مكانة اللغة العربية وإقامة فارق بينها وبين اللغة العبرية.

وينص البند الأول على أن «دولة إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي بموجب تراثه الثقافي والتاريخي». كما ينص على أن «الحق في تقرير المصير القومي في دولة إسرائيل يقتصر على الشعب اليهودي فقط»، وأن «أرض إسرائيل هي الموطن التاريخي للشعب اليهودي، ومكان إقامة دولة إسرائيل».

عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في فبراير الماضي، أنه «يمكنه» التعايش مع دولة أو دولتين لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فسر بعض المحللين السياسيين ذلك بأنه يعني موت أو انتهاء (حل الدولتين)، ولكنه وبعد ستة أشهر أرسل وفداً بقيادة مستشاره (كوشنر) إلى المنطقة من دون رسالة محددة أو واضحة.

وفي متابعة لما بعد زيارة الوفد، وما تناولته الصحافة الأميركية الرئيسية، مثل (نيويورك تايمز وواشنطن بوست وحتى فورن أفيرز)، أجمعت معظمها على فشل مهمة الفريق الذي جاء مستمعاً أكثر مما هو معني بإيجاد مداخل لتقريب الحوار أو التفاوض الجاد بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

لقد أوضح الفريق ذو المهمة الفاشلة أن مزيداً من التناقضات وفقدان الثقة بين الطرفين قد زاد الموقف تعقيداً:

فمطلب إسرائيل الأمني معقد وشائك ويرتبط بمستقبل المنطقة الساخنة. والمطلب الفلسطيني المرتبط (بالسيادة على الأرض) يزداد تعقيداً بشبكة المستوطنات. ومفهوم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة لم يحظ باهتمام الوفد أومهمته. ووقف الوفد عند تمسك المستوطنين بالبقاء حيث يعدون الخطة لمواجهة (معركة الإخلاء مع السلطة المحتلة).

هذه المؤشرات التي صدرت عن الوفد جعلت الرئيس ترامب يعرب بوضوح عن أنه لم يكن يتوقع أن قضية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي قد وصلت إلى حائط شائك يجعل إقامة الدولة الفلسطينية أمراً شبه مستحيل.

المستحيل هو الاعتقاد أن إسرائيل يمكن أن تؤمن يوماً بالسلام مع العرب، فهم «الأغيار» الذين يجب استبعادهم من أراضيهم واستعبادهم في أوطانهم!

* كاتب أردني

Email