الإرهاب الخامس في بريطانيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلت مراراً وتكراراً في منتديات علمية ومقابلات تليفزيونية وإذاعية ومقالات صحفية إن خطر التطرف والإرهاب أكبر من كل تصريحات السياسيين ويجب مواجهته مواجهة حاسمة وشاملة ولاسيما في بريطانيا.

هناك كراهية من قبل عدد ليس بالقليل من المتطرفين لبريطانيا والغرب، وينتظر هؤلاء أي فرصة للانتقام من بريطانيا بارتكاب أعمال العنف والقتل.

إن العبوة الناسفة محلية الصنع التي لم تنفجر بصورة كاملة في مترو الأنفاق بلندن هي الحادث الإرهابي الخامس فى عام 2017 وأسفر الحادث عن 30 مصاباً، أما الهجمات الأربع السابقة فقد أسفرت عن مقتل 36 شخصا بالإضافة الى عشرات الجرحى.

هذا ناهيك عن احباط 6 محاولات إرهابية من قبل الأجهزة الأمنية. هناك صعوبة متناهية فى وقف كل المحاولات للقيام بعمليات إرهابية، ومن هنا يمكن القول للأسف ستقع هجمات أخرى لأن جذور التطرف والإرهاب متشعبة داخل بريطانيا.

تحقق الشرطة مع شابين عراقي وسوري يشتبه في ارتكابهما العملية وهما لاجئان، وقد أفادت التقارير بإحالة الشاب العراقي الى برنامج مناهضة الإرهاب قبل أشهرعدة. يضاف الى ذلك أن التحقيقات أفادت أن حساب يحيي فروخ الشاب السوري على «إنستغرام» يحتوي على عبارة تقول «أوقفوا الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين».

يسلط هذا الهجوم الضوء على عدة نقاط مهمة إذا أردنا أن نفهم خطورة الإرهاب فى بريطانيا من جانب ومحاولة مواجهته والقضاء عليه من جانب آخر. النقطة الأولى تركز على عدم قدرة الأمن على إحباط كل المحاولات الإرهابية.

تجدر الإشارة إلى أن مراقبة جهادي واحد طوال اليوم تتطلب 30 شخصاً، وكل عدد جهاز المخابرات المحلية هو 4000 شخص. ومن هنا يصعب مراقبة حوالي 23 ألف إرهابي محتمل في بريطانيا وفقاً لأجهزة الاستخبارات البريطانية. ومن هنا يمكن تفسير كيف أن إحالة الشاب العراقي لبرنامج مناهضة الإرهاب لم تجد طريقها للتطبيق، فالأعباء متزايدة والموارد البشرية غير كافية.

تدور النقطة الثانية حول فشل الحكومة البريطانية فى ادماج هؤلاء الشباب اللاجئ داخل المجتمع البريطاني. إن اقتطاعات الميزانية من الحكومات المحلية ومجالسها جعلت من الصعوبة أن يتعامل موظفو المجالس المحلية مع هؤلاء اللاجئين وتركهم فريسة لدعاة الكراهية والتطرف.

يضاف إلى ذلك عدم قدرة الأسرة التي تتبني هؤلاء اللاجئين بحكم سن الرجل (88 عاماً) والمرأة (71 عاماً) التي تقوم بذلك العمل الإنساني منذ عام 1970 بالقيام بإدماج هؤلاء في المجتمع البريطاني.

ومن هنا يجب على الحكومة البريطانية أن تراجع برنامج التبني واللجوء والهجرة حتى تجنب البلاد دخول تلك العناصر التي تسعى لإحداث الضرر والخراب والدمار للمجتمع الذي استقبلهم وقدم لهم الرعاية والحماية والكرامة.

أما النقطة الثالثة فتظهر مدى الحقد والكراهية لدى المتطرفين فى احداث أكبر قدر من الخراب والدمار مثلما حدث قبل ذلك في مانشستر. لولا العناية الإلهية لانفجرت القنبلة بصورة كاملة وأودت بحياة المئات من ركاب القطار المزدحم.

تشير النقطة الرابعة إلى ضرورة التعامل الحازم والحاسم مع شركات التكنولوجيا العملاقة مثل غوغل وفيسبوك ويوتيوب وغيرها. فى هذا السياق، قالت إيفيت كوبر رئيسة لجنة الشؤون الأمنية في مجلس العموم «إن شركات الإنترنت جعلت من الصعوبة إيجاد صور لأطفال تسيء إليهم، وقد حان الوقت لقيام تلك الشركات بهذا الشيء لمحاربة الإرهاب».

تؤكد النقطة الخامسة على ضرورة قيام بريطانيا بعدم السماح بعودة الجهاديين البريطانيين إلى بريطانيا مثلما قررت فرنسا في هذا الشأن. وبالمناسبة قد عاد عدد ليس بالقليل إلى بريطانيا من سوريا والعراق. يجب تتبع هؤلاء وتحييد خطرهم على سلامة وأمن البريطانيين.

في النهاية، أود أن أقول يجب على الحكومة البريطانية أن توقف استقبال اللاجئين الصغار وتحاول مساعدتهم في الخارج مثلما تساعد اللاجئين في المعسكرات بالقرب من سوريا والعراق. إن الحل هو ابقاء هؤلاء بالقرب من بلادهم حتى تسهل عودتهم إليها وعدم تشجيعهم على المجيء لبريطانيا.

يجب ترحيل كل اللاجئين غير القانونيين وعدم التباطؤ في ذلك. يضاف إلى ذلك الاستفادة من التجربة الأسترالية بعمل معسكرات خارج بريطانيا حتى يتبين أحقية هؤلاء الأشخاص فى اللجوء لبريطانيا من عدمها.

يجب الحسم مع كل دعاة ومراكز التطرف والكراهية والإرهاب دون هوادة وعدم الإنصات لشعارات حقوق الإنسان التي تضر بالإنسان أكثر ما تفيده في بعض الحالات. ترتفع أجراس الخطر وعلينا التحرّك بسرعة.

* كاتب مصري

Email