حقوق الإنسان المنتهكة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقوم بعض منظمات حقوق الإنسان الدولية بدور هام في كشف الانتهاكات التي تتعرض لها فئات من البشر في أرجاء عالمنا.

وساهمت تقارير بعض تلك المنظمات في وضع ضغوط على بعض الدول لاتخاذ بعض الخطوات للتخفيف من قيام أجهزتها الأمنية بتعذيب وسجن أصحاب الرأي ونشطاء حقوق الإنسان وغيرهم.

ولكن في حالات كثيرة لا تغير تلك التقارير وأنشطة تلك المنظمات من قيام بعض الحكومات بانتهاكات مستمرة لحقوق فئات معينة من الناس مثل الأقليات المسلمة في الصين وبورما. ولكن تركيز هذا المقال هو على تطرف بعض تلك المنظمات في الدفاع عن حقوق فئة معينة في المجتمع أو أفراد بعينهم بالرغم من قيام هؤلاء بانتهاكات لحقوق الإنسان في حق المجتمع كله.

وهناك أمثلة عديدة تؤكد الدفاع غير المبرر لتلك الفئة في الوقت الذي تتجاهل فيه تلك المنظمات الضرر الواقع على المجتمعات من جراء ما يقوم به هؤلاء الأشخاص. أول تلك الامثلة أبو قتادة الذي كسب قضيته ضد الحكومة البريطانية بعدم ترحيله من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ساهم أبو قتادة بغسيل أدمغة شباب مسلم في بريطانيا لكراهية المجتمع البريطاني وعدم اندماجهم وقام بالتنظير للسلفية الجهادية. وكان الدفاع عن عدم ترحيل أبوقتادة إلى الأردن هو أنه قد يعرض للتعذيب ونسي الدفاع الضرر الذي سببه للمجتمع البريطاني.

فقد اهتمت المنظمات الحقوقية والمحكمة الأوروبية بحق الفرد وتجاهلت حق المجتمع. وقد وافق أبوقتادة فى النهاية على ترحيله بعد اتفاقية بين بريطانيا والأردن وكان يمكنه البقاء في بريطانيا إذا أراد.

يضاف إلى ذلك الانتقادات اللاذعة من قبل بعض المنظمات الحقوقية عندما فكرت بريطانيا في بناء معسكرات لاحتجاز المهاجرين واللاجئين قبل دخولهم إلى بريطانيا.

وعدلت الحكومة البريطانية عن الفكرة بالرغم من اختفاء الآلاف من هؤلاء بالرغم من رفض طلبات لجوئهم لاختفائهم في المجتمع وعدم قدرة الأجهزة الأمنية على العثور عليهم وترحيلهم. لقد أخذ هؤلاء اللاجئون المزيفون مكان لاجئين حقيقيين. فلو كانت هناك معسكرات احتجاز لما حدث ويحدث ذلك كل يوم في بريطانيا.

في المقابل تقيم استراليا معسكرات احتجاز في جزر خارج استراليا مثل مانوس، ولا تبالي الحكومة الأسترالية بانتقادات المنظمات الحقوقية. وتساهم سياسة الحكومة الأسترالية في محاربة تجارة مهربي البشر والإبقاء على أمل اللاجئين الحقيقيين للوصول إلى مكان ىمن لهم.

علاوة على ذلك هناك بعض المنظمات التي تقوم بمحاولة إنقاذ المهاجرين غير القانونيين عبر البحر المتوسط وهذا يشجع مهربي البشر من جانب ويشجع بعض المهاجرين على أخذ المخاطرة لأنه في حالات كثيرة نسبة الوصول إلى أوروبا أكبر من الغرق لوجود تلك المنظمات التي تقوم بهذا العمل.

قد يكون العمل إنسانيا ولكن تبعاته غير إنسانية. يضاف إلى ذلك ارتفاع نبرة اليمين في أوروبا ضد الهجرة والمهاجرين وقد يؤثر ذلك بالسلب على اللاجئين الذين يستحقون التمتع بملاذ آمن في تلك البلدان. ولكن عوضا عن ذلك يأخذ المهاجرون غير القانونيين مكانهم.

لا يمكن إنكار الدور الكبير الذي تلعبه بعض المنظمات كصوت الضمير للحكومات التي تسعى لتحقيق مصالحها دون النظر للإنسان وكرامته وحريته وحياته. ولكن هناك إفراط من قبل بعض تلك المنظمات للدفاع عن فئات يجب محاسبتها ووقف الضرر الذي تسببه.

فهل يعقل أن يتمتع بعض الأفراد بالحصانة على حساب مصلحة باقي أفراد المجتمع؟ هل يقف العالم مكتوف اليدين أمام مهربي البشر ويشجعهم على مقامرتهم بحياة الناس وجني الملايين من الدولارات؟ هل يجب أن تقوم تلك المنظمات بتحليل متوازن دون النظرة المتعصبة لحقوق الإنسان؟ هل نضحي بالمجتمع لحماية فرد معين أو فئة معينة لوجود بعض القوانين التي تشجع على ذلك؟

هذه الأسئلة وغيرها يجب أن تناقشها تلك المنظمات الحقوقية بموضوعية وعمق، حتى يؤخذ ما تقوم به تلك المنظمات بمحمل الجد من قبل المواطن العادي، الذي يتعاطف قلباً وقالباً مع حقوق الإنسان.

*كاتب مصري

Email