الإمام أبو حفص اليهودي!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس الأول، وطبعاً ليس الأخير. فهذه سمتهم عبر التاريخ. يتمسكون حتى يتمكنوا. لا يتوانون في أن يعملوا زبالين أو مهرجين أو مجانين ظاهرياً وموساديين باطنياً.

نعني بنيامين أفرايم جاسوس الموساد الذي اعتقلته السلطات الليبية منتحلاً صفة إمام مسجد باسم أبي حفص، وبعد التحقيقات المطولة معه تبين أن الأخير يحمل الجنسية الإسرائيلية ويخدم في فرقة المستعربين التابعة لجهاز الموساد المتخصص بالتجسس على الدول العربية والإسلامية.

وقد تمكن من الدخول إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وانتقل معهم إلى بنغازي، وهناك استطاع التغلغل في المجتمع، وأصبح إماماً لأحد المساجد، وبعدها تحول إلى داعية ومسؤول عن نحو 200 مقاتل.

قصة اليهود «المتأسلمين» متواصلة منذ عقود. أخيراً نقلت الصحف عن سيدة جزائرية أنها اكتشفت ديانة زوجها إمام المسجد أنه يهودي! وذلك بعد أن شكّت بسلوكه، وبعض تصرفاته الغريبة، مما دفعها لمراقبته واكتشفت حقيقته، وهي أن «فضيلته» يهودي وليس مسلماً!!

هذه الأمور ليست غريبة على اليهود، فكل جواسيسهم وعيونهم، الذين عاشوا ولا يزالون بين العرب والمسلمين يعرفون الإسلام، ويحفظون القرآن ويذوبون في أي مجتمع يقصدون تدميره وتخريبه، فيعرفون أدق تفاصيل حياته، فيدرسون عاداته وتقاليده، وكل تفاصيله، ويذوبون فيه حتى التلاشي،.

وليس إيلي كوهين، الذي اندس في كل تفاصيل سوريا الدقيقة حتى أوشك أن يصبح وزيراً للدفاع، وقيل رئيساً للجمهورية! لولا أن السفارة الهندية اكتشفته بالصدفة المحضة، وتمت محاكمته عسكرياً، ثم إعدامه فيما بعد، ولا يزال يُعتبر من أبطال اليهود القوميين.

أذكر حين كنت أدرس في دمشق أن زميلاً لنا في الجامعة دعاني لمرافقته في زيارة لأقاربه الفلسطينيين. سألته أين يسكنون؟ قال: في حارة اليهود. دهشت وضحكت بمرارة. وذهبنا، كانت أول مرة أرى فيها يهوداً. كانوا يتحدثون لهجة شامية «قُحاً» شأنهم شأن أبناء حارتهم الفلسطينيين.

وبحسن نية قلت له: ألم أقل لك إن اليهودية دين وليست هوية. إذ إن ثمة يهوداً سوريين وفلسطينيين وعراقيين ويمنيين ومغاربة ووو. إنهم عرب لكن ديانتهم يهودية. فالدين لله والوطن للجميع، كما تعلمنا، لكنه فاجأني: لا تكن طيباً. فما إن يبلغ الفتى هنا السادسة أو السابعة عشرة من العمر حتى يختفي! قلت: هل يعتقلونه؟ قال: لا، أهله يهربونه إلى «إسرائيل».

منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين اعتمدت إسرائيل على ثلاثة أجهزة استخبارية نشطة هي: الشاباك والشين بيت والموساد. يعمل كل منها في تخصص مختلف.

العام الماضي نشر جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» إعلاناً مدفوع الأجر بجميع الصحف الإسرائيلية المطبوعة والإلكترونية، وكذلك على صفحات شبكات مواقع التواصل الاجتماعي، يطلب فيه نساء قويات للعمل كجواسيس. وتضمن الإعلان الذي كتب بالعبرية والعربية والإنجليزية بصيغة المؤنث «لا يهمنا ماذا فعلتِ من قبل.. بل يهمنا من أنتِ.. الموساد يُجند ضابطات لجمع معلومات ذوات شخصيات قوية ومميزة».

وسيرة الجواسيس العرب الذين غررت بهم إسرائيل وخانوا أوطانهم «تزخر» بهؤلاء العملاء. وتعتبر أمينة المفتي من أشهر جواسيس الموساد، حيث كانت تتجسس على الرئيس الراحل «ياسر عرفات» أثناء تواجده في بيروت، ونجحت في زرع أجهزة تنصت داخل مكتبه، وحولت ديانتها من الإسلام لليهودية.

اليهود اعتنقوا الإسلام ظاهرياً وظلوا على يهوديتهم باطنياً كما فعل عبد الله بن سبأ في فجر الإسلام، وكما فعل زائيف سبتاي في تركيا، ولعل ظاهرة يهود الدونمة في تركيا لا زالت ظاهرة للعيان.

فهي التي أخرجت مصطفى كمال المعروف بأتاتورك، مقيم العلمانية التركية وهادم كل صروح الإسلام فيها، من تحريم العربية، حتى إن الأذان في عهده تحول إلى التركية، حتى عهد عدنان مندريس الذي أعاد الأذان باللغة العربية تمت محاكمته وإعدامه لخروجه على العلمانية الأتاتوركية.

إن ما نراه اليوم من تشويه للإسلام على يد «داعش» ليس بعيداً عن اليهود ومكائدهم عبر التاريخ. وسوف يثبت التاريخ مستقبلاً أن «داعش» ما هو سوى صنيعة صهيونية.

 

Email