مسمار جحا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقول حكاية «مسمار جحا» والتي يعرفها معظمنا أن جحا باع بيته إلى جاره الغني، وشرط عليه أن يكون البيت بأكمله من أثاث وجدران ملكاً لجاره ما عدا مسمار وحيد يبقى ملكاً لجحا، فوافق الجار على الشرط معتقداً أنها مسألة مؤقتة، ولكن جحا كان يأتي كل يوم ليطمئن على مسماره العزيز.

ويتعمد أن يأتي في أوقات الأكل والمنام ليأكل وينام في البيت، ولم يستطع الجار تحمل هذا الوضع حتى ترك البيت وهرب، وعاد البيت إلى جحا، فأصبحت هذه الحكاية مضرباً للمثل في استخدام الحجج الواهية للوصول إلى الهدف المطلوب.

أسلوب الإخوان المسلمين لا يختلف أبداً عن «مسمار حجا»، فهم يستخدمون الحجج الواهية للوصول إلى أهدافهم وتنفيذ مخططاتهم، ليس هذا فقط إنما يستخدمون ذات الأسلوب في التأثير في نفوس المنتمين إليهم لإقناعهم بأنهم على حق، ولتبرير جرائمهم يأتون بحجج واهية وكبيرة ليشعروا منتميهم أن الخلاص والنجاح سيكون على أيدي هؤلاء القادة.

لو قمنا بتحليل تصرفات الإخوان وتتبعنا مبرراتها الفعلية سنجد بأنها مستندة على سبب وحيد يجعلهم يسلكون مسلكاً معادياً للآخر، والسعي لإقصاء جميع المخالفين لآرائهم وتوجهاتهم، ألا وهو الحقد الدفين والغيظ الداخلي على الآخر، وهذا أسلوب يستخدمه قياديّو الإخوان ويخلقونه داخل نفوس المنتسبين إليهم، وهو ما يساعدهم على التحكم بالعقول والتصرفات، وتوجيه البشر نحو شرورهم.

نحن نواجه الفكر الإخواني ولدينا من الأدلة الكثير، والتي تثبت تورطهم في العديد من الجرائم الإرهابية، ومحاولات زعزعة أمن الدول وشعوبها، في المقابل هم يرون في أنفسهم الصلاح لقيادة الأمة، وأنهم يواجهون حرباً ضد كارهي الإسلام والصلاح، في حين أن هذا تأويل أفكارهم لا غير، وهم من صنعوا هذه النظرة ليروا بها أنفسهم، ويبررون أفعالهم المشينة.

للخطيئة أو الإثم نوعان، ظاهر وباطن لقول الله تعالى (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ) [سورة الأنعام: الآية 120]، فالظاهر كالزنا والسرقة.

وما ظهر من الآثام، وهذه أقرب إلى التوبة، أما الباطن من الآثام فهو خطر كبير على الفرد، يجعله يتكبر على التوبة، ويرى في نفسه الصلاح، وأنه ليس بحاجة لمراجعة تصرفاته ويتراجع عن الأخطاء التي ترافقها، وبما أن الكبر حجاب، فهو يحجب الإنسان عن الحقيقة، فيجعل منه طاغية يرى في نفسه ملاكاً.

«الإخوان المسلمون» مزقهم الإثم الباطن، وعمى بصيرتهم عن حقيقة أنفسهم، ولهذا تجدهم يحاولون بناء أمجادهم على جثث الأبرياء، يبنون غناهم حتى ولو أفقروا من حولهم، يسعون لضمان أمنهم بتخويف الآخرين، يحافظون على حياتهم بقتل من يخالفهم، ويبنون مصالحهم مع الباطل للوصول إلى أهدافهم، ولهذا دائما ما نحذر من الفكر الضلالي الإخواني، فهو الإثم الباطن الذي يدمر الإنسانية.

لهذا دائما ما تجد «الإخواني» حاقداً على الحياة، وأينما وجد النور والفرح يهاجم أصحابه ومفكريه، ويلصق بهم فتواه بتكفيرهم، وإباحة قتلهم، فما صنعه القادة في هذه الجماعة أنهم ربوا أفرادهم ووظفوا جميع الأحداث وحوروها لتظهر بأنهم مضطهدون من قبل الحكومات ومن يخالفهم في الرأي، ليصنعوا من هذا الظلم المزيف حقداً دفيناً يجعلهم ناقمين ومنتقمين ممن حولهم.

ويستخدمون آيات الله بتأويل وتفاسير مغايرة لكي يظهروا أنهم على حق، وأن الله أثبته في كتابه.

مشكلتنا معهم ليست فقط ما يقومون به من جرائم بحق البشرية، فهذه باستطاعتنا محاربتها وإيقاف عملياتها وخططها، ولكن محاربة آثامهم الدفينة وحقدهم وتكبرهم وكبرهم على دين الله هو المشكلة الحقيقية التي علينا أن نخطط لمواجهتها، فآدم عليه السلام كان خطأه ظاهر ليس كإبليس فقد كان خطأه باطناً، ولهذا كبره جعله يرى في نفسه أنه أفضل مَنْ خلق الله واستكبر على أوامر الله.

ووصل به الأمر لأن يتحدى الله عز وجل، وهذا تماماً ما يقوم به الإخوان، فهم يتأولون على الله بتفاسير كاذبة ويتحدون بها كل من أراد للحق والنور أن يظهر، ومهما ناصحتهم يتكبرون على التوبة، فهم منزهون عن الخطأ وأكبر من التوبة، وأفعالهم نور على نور كما يعتقدون.

الضلالات، والشبهات، والتبريرات، والخزعبلات، والترهات، جميعها أساليب يستخدمها الإخوان لنشر أفكارهم فهم «كمسمار حجا»، وجميعها آثام باطنة دمرت نفوسهم ودمرت من حولهم نتيجة تحول هذه الأفكار إلى تصرفات إرهابية عدائية تزهق الأرواح بدماء باردة، فالقناعة التي أصلوها في نفوس منتسبيهم أصبحت هي العقيدة التي يسيرون على نهجها متجاهلين أي أحكام وضوابط أنزلها الله لتحدد مسيرهم واتجاهاتهم.

قَبِل الله تعالى من آدم عليه السلام التوبة، بينما لعن الله عز وجل إبليس وطرده من رحمته، ولهذا تجد الإخوان مغضوباً عليهم من الله تعالى، فلو كانوا يحكمون بدين الله وما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم كما يدعون لوجدتهم يعلون يوماً بعد يوم بنصر الله، ولكنهم يحكمون بأهوائهم وما تمليه عليه نفوسهم من كره، لهذا تجدهم دائماً ما يخسرون ومن مذلة إلى مذلة.

وحتى وإن قرأ أحد أفراد «الإخوان المسلمون» هذا المقال، فلن يقتنع بأنه الحق، بل سيبذل كل ما في وسعه لإيجاد الحجج الواهية للوصول إلى هدفهم بإقصاء جميع الآراء ليظهروا أن بهم ومنهم الصلاح، فالمناصحة مرفوضة في قانون الإخوان المسلمين، ومسمار جحا في نظرهم هو الحق، وهو منهجهم وأسلوبهم.

 

Email