ما علاقة هؤلاء بجرائم التنظيمات؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل التنظيمات العسكرية، التي تتبنى التطرف، تعنون كياناتها، بعناوين، لا يجوز في الأساس، توظيفها، في هكذا جرائم، وإذا تتبعنا أسماء كل التنظيمات، في سوريا والعراق واليمن، ومناطق أخرى، نراها تلجأ إلى أسماء لشخصيات إسلامية، معروفة، رحلت منذ مئات السنين، أو تتورط بعناوين إسلامية.

لا نريد أن نضرب مثلاً هنا، لكن الكل يعرف أن هذه التنظيمات، من أجل شرعنة ما تفعله، وزيادة جاذبيتها، تتخذ أسماء، مثل كتيبة عمر، فيلق أبي بكر، كتائب أبو ذر، فرقة الحق، أحباب الله، جند الله، أنصار عائشة، والأمثلة لا تعد ولا تحصى، على هذه التوظيفات، في هذه الحروب الدموية.

ما يتوجب قوله أولاً، أن الله أجل وأعظم، من أن يتم وضع اسمه العظيم، عنواناً لهكذا جماعات، تمتهن القتل، ثم إن توظيف أسماء لشخصيات إسلامية، رحلت منذ 1400 عام، أمر في غاية السوء.

لأن من حقنا أن نسأل عن علاقة هؤلاء، في الأساس، بكل هذه الجرائم، وقتل البشر، في كل مكان، ولماذا تصر هذه الجماعات، على ثلاثة أنواع من التوظيفات، اسم الله عز وجل، أسماء شخصيات جليلة، ثم الإسلام، في سياق خطر، قائم على الصراعات والقتل، وتصدير الموت إلى كل مكان؟!

من ناحية تحليلية مجردة، فإن هذه التوظيفات، تهدف لمنح هذه التنظيمات، مسحة مقدسة، من أجل صيد الاتباع، وتجنيد صغار العمر، وغيرهم، والإيحاء بأن هذا التنظيم، أو ذاك، يخدم الإسلام فقط، ويريد إحياء إرث هذه الشخصيات، التي لا يمكن للمفارقة ربطها في الأساس بهكذا جرائم، فهي عند ربها مكرمة، ولا علاقة لها أصلاً، بكل هذه الصراعات السياسية والعسكرية، وبكل هذا العنف والتطرف.

هذا يثبت أن هذه التنظيمات، إضافة إلى بنيتها الفكرية القائمة على الضلالات، وعلى المناهج المتطرفة، تسعى بكل قوة، للترويج بذاتها، وهي تدرك ومن يديرها في الأساس، أن الإنسان المسلم، مرتبط بتاريخه، ويظنون أن إحياء المجد السابق، ممكن بهذه الطرق، ولهذا تتورط هذه التنظيمات، عامدة، في لعبة إثارة التعاطف، على مستويات شعبية وبسيطة، عبر هذه العناوين.

في الأساس لابد أن نتوقف عن وصف هذه التنظيمات، بالإسلامية، فهذه كارثة نراها في كل الإعلام العربي والغربي، والتورط هنا، بغير قصد، يدعم هذه التنظيمات.

ولابد أن تصاغ المصطلحات، بطريقة ثانية، فهي ليست إسلامية، في كل الأحوال، لأن الإسلام، لا يطلب من الإنسان، أن يفجر ويقتل ويدهس الأبرياء بسيارته، ويؤذي بلده، وشعبه، ودولته، إضافة إلى كل ما نراه، وقد آن الأوان، أن ننتبه عرباً ومسلمين، إلى أن هؤلاء، ليسوا على صلة بالإسلام، أساساً، حتى لا نبقى في الأساس في زاوية تبرئة أنفسنا، من أفعالهم.

إن المأزق مع هؤلاء، كبير، لأن برامجهم تدعي الانتساب إلى الإسلام، ويزيدون عليها، مظهراً دينياً، يتجلى بطريقة اللباس، والشكل، ويتممون العملية، بتوظيف أسماء كبيرة، في أفعالهم، ثم يرتكبون كل هذه الجرائم، وينسبونها إلى الله عز وجل، وإلى أسماء نحترمها كلها في تاريخنا، ويدعون أن هذا عمل يخدم الإسلام.

ومن أجل تفكيك كل هذا، لا بد من جهد كبير، خصوصاً، على صعيد المسميات والمظاهر والعناوين، التي تعتبر وسائل للصيد، والتغرير بكثيرين، خصوصاً، بين المسلمين غير العرب، الذين لا يجيدون اللغة العربية، وليس لديهم القدرة كثيراً للعودة إلى مراجع تاريخية، والقراءة المعمقة، لمعرفة الفروقات.

ولإدراك الحقائق، حول أن هناك نسخة أخرى، من الإسلام، لا يعرفونها، وهي نسخة، قائمة على صون الروح الإنسانية، واحترام الآخر، أياً كان دينه، وترتكز على التسامح والمنطق العقلي، الذي يمنع الإنسان، من مواجهة كل هذه الأمم، أساساً.

حمل عنوان لافت للانتباه، أو فيه جانب مقدس أو جليل، لا يحمي هذه التنظيمات، فالبعض يظن بسذاجة، أن حمل أي تنظيم، هكذا أسماء، يعني أنه شرعي، أو يمنحه نصرة إلهية، أو في حالات، يحميه ويجعله فوق التجريم، وهذه إشكالات تنطلي على البسطاء فقط، لأن هؤلاء يتعلقون بكل ما يمكن أن يثير عاطفتهم، على مستويات كثيرة، في هذه الحياة، وهذا جانب آخر لا بد من إثارته.

نهاية المطاف، لا علاقة لأبي بكر الصديق، ولا عمر بن الخطاب، ولا علي بن أبي طالب، ولا غيرهم، بكل هذه الجرائم التي نراها، مثلما أن الإسلام، القائم على قدسية الأخلاق أولاً، في التعامل مع الآخرين، لا يمكن أن يكون وسيلة لتنفيذ أجندات سياسية وأمنية، لجهات عديدة في هذا العالم، تعمدت أيضاً، أن تبني تنظيمات، وتزج كل هذه الأسماء، كونها مظلات في سياقات تشويه سمعة الإسلام، في كل العالم.

لقد آن الأوان أن يسترد الإنسان العربي، عقله، وأن يجعل العاطفة والغرائز والأهواء، خارج تقييمه لأي فكرة، أو موقف أو مشهد أو حادثة أو معادلة، ومن دون العقل والمنطق، سيواصل الإنسان العربي، تخبطه، ولن يجد حلاً لإشكالاته، التي لا يمكن وضع حد لها، دون رؤية واقعية للحياة، والمستقبل.

 

Email