قطر ومرض العناد القاتل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن «تنظيم الحمدين» باق على عناده بما تمثله في علم النفس التحليلي من المقاومة السلبية والتحدي الظاهر والعصيان الحاقد، وأما المقاومة السلبية فعادة ما تتجسد بالنسبة للأفراد في التأخر في تنفيذ الأوامر، والاستظهار بالحزن والتذمر أمام المطالب والشروط، أمّا التحدي الظاهر فهو الإصرار على رفض التنازل أو التراجع أو الاعتراف بالخطأ، ورفض تنفيذ ما يطلب منه دون تبرير الرفض أو إبداء سبب واضح له، وأما العصيان الحاقد فهو الإصرار على العمل عكس ما يُطلب منه، وإعلان التحدي السلوكي كما فعلت قطر بعد مقاطعتها من قبل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.

ويتجسّد مرض العناد وفق الدراسات العلمية في فقدان المزاج ومجادلة الكبار وتحدّي مطالب الآخرين ورفضها غالباً، وتبني التصرفات التي تضايق الآخرين عن عمد، كما أنّ العنيد عادة ما يلوم الآخرين على أخطائه، ويجتهد في استفزازهم ومضايقتهم ويظهر الحقد وحب الانتقام، وجميع هذه الأعراض تدل على أن صاحبها يعيش حالة اضطراب نفسي تحتاج التحليل الإكلينيكي والخضوع للعلاج المباشر.

وتؤكد إحدى الدراسات أنّ العناد ظاهرة تعنى التعبير عن الرفض لرأي أوشيء حتى ولو كان مقبولاً، وهو يعنى أيضاً رفض الامتناع عن شيء أو رأي أو عمل حتى لو كان خطأ لمجرد الرفض والامتناع، فالعنيد يتمسك بموقفه ولا يتراجع عنه وهذا ليس دليلاً على الإصرار الحميد، بل دليل على التشبث المرفوض لأنّه قائم على الأنانية والرغبة في الانتصار على الغير بأي ثمن وليس قائماً على الدليل العقلي أو المبدأ الأخلاقي.

وأبرز العالمان الألمانيان تيلمان كلاين وماركس أولسبرجر من معهد ماكس بلانك لعلوم المعرفة البشرية والمخ بعد إجراء عديد من التجارب، أن سمة العناد عند 30 في المئة ممن أجريت عليهم التجارب ناتجة عن عامل وراثي أو طفرة جينية يسمى A1 ناتجة عن نقص الدوبامين في المخ، حيث إنّ انخفاض الناتج من هذه المادة يعني أنّ بعض الناس يكونون غير راضين عن قرار أو عمل تبين أنه خاطئ، ومن ثم يكررون أخطاءهم ويتمسكون بها وهؤلاء هم من يتصفون بالعناد، بينما يقتنع الأشخاص الذين لديهم قدر كبير من مادة الدوبامين من الوهلة الأولى بالخطأ ويسعون للاعتذار عنه وعدم تكراره وهؤلاء لا يتصفون بالعناد.

من حق البعض أن يسأل: «وهل يعقل تطبيق حالة الفرد على حالة الدولة؟»، ليكون الجواب في منتهى البساطة، وهو أن «تنظيم الحمدين» يخضع لحكم فرد واحد، وفي أقصى الحالات لحكم فردين يتميزان بمنسوب عال من العناد الوراثي، ونجحا في استقطاب كل انتهازيي العالم ليساعدوهما على الاستمرار في عنادهما القاتل الذي عادة ما يقود إلى الدمار الذاتي.

لولا عناد «تنظيم الحمدين» لكانت الصورة غير الصورة، وقطر في وضع مختلف بين أشقائها وجيرانها، وأبواب القلوب مفتوحة لها قبل أبواب الأوطان.

Email