القادم أخطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشعارات التي يرفعها مرشحو الرئاسة، أو غير الرئاسة، في أي بلد، لا يعول عليها كلها، لكن في الوقت نفسه لا تهمل كلها.

في حملتها الانتخابية قالت مرشحة الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون للشعب الأميركي:كيف تأتمنون هذا الرجل على الزر النووي؟ كانت تعني طبعاً منافسها دونالد ترامب.

ويبدو أن تحذير هيلاري في محله، فالرئيس الأميركي يتعامل مع قضايا تمس العالم ومصير ملايين البشر كما لوكان في ردهة فندق فخم.

في الصباح يتناول شهياً مع عصير برتقال طازج، يمازح النادلات المكتنزات، وظهراً يجلس في اللوبي يتناول قهوته مع الحليب، بينما أصابعه تعبث بجهاز اللابتوب ليغرد على تويتر، مرة بصوت عصفور ومرة بهدير ديناصور، مرة يزأر ومرة يهدل فلا تعود تعرف ماذا يريد وماذا يفعل وربما هو أيضا لا يعرف.

لم يعد التحذير من سياسات ترامب الخارجية مقصوراً فقط على إمكانية أن تتسبب في تفجير أوضاع سياسية أو تشاحنات اقتصادية عابرة للقارات والحدود، الأمر وصل إلى حد التهديد بإشعال حرب عالمية جديدة.

صحيفة الاندبندنت البريطانية، نقلت الأحد (9 يوليو 2017)، تحذيراً شديد اللهجة في هذا الشأن، تبناه الكاتب الأميركي باتريك كوكبيرن، وهو متخصص في شؤون الدفاع؛ حيث يرى أن منطقة الشرق الأوسط تعيش حالة مشابهة للأجواء التي سبقت الحرب العالمية الأولى.

يقطع الخبير المتخصص في شؤون الدفاع أنه لا يعلم ما هي سياسة ترامب تجاه سوريا، مشدداً على أن أزمات الشرق الأوسط في تزايد، «الأمر الذي ينبئ بالخوف من خروجها عن السيطرة»، في إشارة إلى إمكانية أن تتفجر الأمور بما يشعل حرباً أو مواجهة عسكرية إقليمية أو عالمية جديدة.

متى وكيف بدأ الزلزال في المنطقة العربية ولمصلحة من؟

البداية كانت في أحداث 11 سبتمبر التي لم تزل أسرارها طي الكتمان، فقد ألبس المخططون للمؤامرة الكبرى ضد الأمة العربية مجموعة من الشباب عمائم وسراويل أفغانية بعد أن غسلوا ما في داخل رؤوسهم ليمثلوا «العدو الإسلامي» للغرب كونه بديلاً للعدو السوفييتي المنهار، ثم هيأوا لهم أدوات ومخططات وحتى كاميرات «غزوة نيويورك»!

في عهد بوش وبعد أحداث سبتمبر 2001، واحتلال أفغانستان والعراق، وجدت كوندليزا رايس أن العالم العربي يحتاج للتغيير، تغيير الأنظمة والأدوات، بعد أن استنفذ النظام العربي وظائفه مع نهاية الحرب الباردة، واستخلصت وزيرة الخارجية الأميركية أن النظام التقليدي العربي، ولّد أربع مفردات هي: التطرف والإرهاب والأصولية والعداء للغرب، ولذلك قرروا تغيير الأدوات عبر الربيع العربي بوسيلتين:

الأولى: عبر تظاهرات الشوارع التي قادتها مؤسسات المجتمع المدني.

والثانية:عبر الجيش الذي أطاح الرئيسين، مبارك وزين العابدين في تونس ومصر، أما في ليبيا فقد جرى التدخل العسكري الأميركي والأوروبي المباشر لإسقاط نظام معمر القذافي وتغييره.

وتنفيذاً لهذه السياسة فرض بوش الانتخابات على العالم العربي وخاصة العراق ومصر وفلسطين، وضغط لمشاركة الإخوان المسلمين وأحزاب ولاية الفقيه فيها، وهذا ما حصل فعلاً، بعد تفاهمات بين الأميركيين والإخوان ومشاركتهم في هذه الانتخابات.

حماس لم تكتف برئاستي المجلس التشريعي عبد العزيز الدويك، والحكومة إسماعيل هنية، بل بادرت إلى الانقلاب وتولي إدارة غزة منفردة منذ شهر يونيو 2007، وأطلقت عليه «قرار الحسم العسكري».

إنه فخ تضخيم دعاة الدين من اجل الانقضاض على الأمة، فما تم تنفيذه من خلال الإخوان الذين جرى النفخ فيهم تم في «داعش».

المؤامرة التالية بدأت بعد تشكيل داعش التي أعلنت هيلاري كلينتون أن الولايات المتحدة إنشاءها، فقد أمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قوات الجيش العراقي 100 ألف جندي بالانسحاب أمام قوات داعش التي كانت نحو 600 مقاتل فقط وتركوا أسلحة فرقتين كاملتين، ما جعل داعش تتمدد في العراق وأصبحت تسيطر على ثلث الأراضي العراقية.

أما في سوريا فالأمر كان أشبه بأفلام هوليوود حيث بدأ تنظيم داعش يستولي على الأراضي السورية بسرعة خاطفة وأصبح يسيطر على 40% من الأراضي السورية. وبدأ عدد قواته في الازدياد من العرب ومن الأوروبيين ومن الأفغان ومن البوسنة.. إلخ وباختصار أصبحنا أمام داعش العظمى، قواتها من كثير من دول العالم.

الآن أصبحت قضية العالم الغربي القضاء على داعش الذي أوجده هو نفسه كما اعترفت هيلاري كلينتون.أما قضية فلسطين والقدس والاستيطان وقضية التنمية العربية فهي الضحية الأولى لما خطط له منذ 11 سبتمبر 2001 والقادم أخطر.

Email