دورة من الإنجازات المتتالية

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين لمع اسم رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونج كأول إنسان في تاريخ البشرية تطأ قدماه سطح القمر، كانت وكالة الفضاء الأميركية ناسا تستخدم أكثر التكنولوجيات المتاحة تقدماً في ذلك الزمن. واليوم، وتحديداً في دولة الإمارات العربية المتحدة يمتلك معظم الناس تقنيات حوسبة متطورة تفوق ما كان متوفراً لدى رواد الفضاء الأميركيين آنذاك.

ويمثل استكشاف الفضاء أحد أهم محركات الابتكار في القرن الواحد والعشرين ويتواءم بشكل مباشر مع استراتيجية تعزيز القدرة التنافسية التي تتبعها دولة الإمارات العربية المتحدة. وبينما تحتفي وكالة الإمارات للفضاء بذكرى مرور ثلاث سنوات على تأسيسها، فإننا نشعر بالفخر والاعتزاز بتطوير أكبر برنامج فضاء في المنطقة، ونجدد التزامنا بتنمية هذا القطاع بما يتماشى مع أهداف رؤية الإمارات 2021.

ولتحقيق تطلعاتنا الطموحة في استكشاف الفضاء، علينا تطوير نظام تعليمي قوي يسهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام وقادر على المنافسة عالمياً تقود دفته أيدٍ إماراتية مبدعة تمتلك أفضل الكفاءات والمهارات والمعارف.

وتلتزم وزارة التربية والتعليم بتحقيق هذه الرؤية من خلال توسيع نطاق البحث والتطوير وتعزيز فرص الابتكار في الجامعات ورفع مستويات التعاون والشراكة مع القطاع الخاص والارتقاء بجودة التعليم العالي، بهدف إعداد الخريجين للمستقبل. فالقدرة التنافسية لأي دولة، تعتمد بشكل أساسي على القدرة التنافسية لمواطنيها ويتجلى ذلك بشكل خاص في الأهداف الطموحة التي وضعناها لاستكشاف عالم الفضاء.

وإنه لمدعاة فخر وشرف لي أن أتولى منصب رئيس وكالة الإمارات للفضاء. فطموحاتنا وأهدافنا الجريئة باستكشاف الفضاء، كما استراتيجية قطاع التعليم العالي، تحضنا على تحدي ذواتنا والابتكار والإبداع وتخطي حدود المألوف. وكما هو الحال مع مسيرة تطوير نظام التعليم العالي في الدولة، فإن تعزيز قدرتنا على استكشاف الفضاء سيؤتي ثماره على المدى البعيد بل وأنه سيولّد حلقة إيجابية متواصلة لن يتوقف أثرها بل سيتعاظم مع كل محطة وإنجاز جديد.

نحن ندرك أن مهمة استكشاف الفضاء ضرورة أساسية ليس فقط لما ستجلبه من فوائد ملموسة تنعكس على حياتنا اليومية، بل أيضاً للدور الحيوي الذي تضطلع به وقدرتها على إلهام البشرية والارتقاء بها بطرق مبتكرة. فتكنولوجيا الأقمار الصناعية، على سبيل المثال، لعبت دوراً مهماً في التوقعات المناخية والاتصالات والبث وتعزيز الأمن القومي، ناهيك عن توسيع وإثراء معارفنا ومعلوماتنا عن الأرض والكون. واليوم تشكل مهمة كوكب المريخ المحطة التالية في مجال استكشاف الفضاء وهي مبادرة استراتيجية رئيسية أطلقتها وكالة الإمارات للفضاء.

وسيكون مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أول بعثة عربية تستكشف الكوكب الأحمر، وتهدف إلى تقديم صورة عالمية شاملة للغلاف الجوي المحيط بكوكب المريخ، من فهم وتحليل التغيرات المناخية وصولاً إلى تعقّب اندفاع غازي الهيدروجين والأكسجين نحو الفضاء. وبمجرد أن يصل مسبار الأمل إلى المريخ في عام 2021 ويشرع في جمع هذه المعلومات، سوف نشارك النتائج التي سنتوصل إليها مع أكثر من 200 مؤسسة علمية ومركز للتعليم والبحث لتخضع للدراسة والتحليل، مما سيمكن دولة الإمارات العربية المتحدة من ريادة مشهد الابتكار والمعرفة من خلال تقديم معلومات جديدة عن الكون.

وستظل طموحاتنا لبرنامج الإمارات الفضائي تشكل بارقة أمل ومصدر إلهام للشباب الإماراتي لدراسة مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وبناء قاعدة دولة الإمارات العربية المتحدة من الكوادر المؤهلة والمزودة بأفضل وأحدث المهارات والكفاءات لمتابعة جهود البحث والتطوير التي ستعزز إنجازاتنا في مجال استكشاف الفضاء. وعلاوة على ذلك، فإن إمكانية تحقيق المزيد من الاكتشافات والابتكارات في عالم الفضاء سيحفز شبابنا على بناء الخبرات والمعارف اللازمة للتمكن من المساهمة في تشكيل مستقبل أكثر إشراقاً للجميع.

وفي إطار جهودنا المتواصلة لترسيخ مكانة دولة الإمارات كواحدة من أكثر الدول ابتكاراً على مستوى العالم، سيضطلع كل من قطاع التعليم العالي وقطاع استكشاف الفضاء بدور رائد باعتبارهما ركيزتين أساسيتين ومتلازمتين تضمنان بناء مستقبل أفضل لدولة الإمارات العربية المتحدة ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة، والمساعدة على تنويع اقتصادنا ورفع قدرتنا التنافسية، وفي نهاية المطاف ضمان تحقيق الازدهار والرخاء على المدى البعيد لدولتنا الحبيبة ومواطنينا.

 

 

Email