ابحث عن قطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الخراب الليبي والسوري «ابحث عن قطر»، وفي دمار الموصل والأنبار «ابحث عن قطر»، وفي مأساة اليمن الجريح بسهام الحوثيين السامّة «ابحث عن قطر»، وفي جرائم الإرهاب في سيناء وتفجير الكنائس والغدر بكمائن الأمن المصري «ابحث عن قطر»، وحيثما تآمر المتآمرون وتسابق القتلة لسفك دماء الأبرياء «ابحث عن قطر».

وحيثما اجتمع الإخوان على مبايعة الشيطان وتمزيق الأوطان: «ابحث عن قطر»، فإذا انقسم الفلسطينيون «ابحث عن قطر»، وإذا سعى داعش لبناء دولة لقيطة «ابحث عن قطر»، وإذا امتدت الفتنة إلى البحرين أو القطيف «ابحث عن قطر».

ولا تنس أن أيادي قطر يمكن أن تكون وراء الهجوم الغادر على فريق الإغاثة في قندهار، أو في الصومال، ووراء الاغتيالات السياسية التي طالت شخصيات وطنية، كل ذنبها أنها رفضت الخضوع لأجندات نظام الحمدين، ووراء تجنيد وتسليح وتمويل الجماعات الإرهابية المتحركة تحت جنح الليل من شمال مالي إلى شمال أفغانستان.

فنحن اليوم أمام شبكة عابرة للحدود والدول والقارات، تجمع بينها ثقافة الكراهية ومخططات الفوضى الخلاقة التي تبناها النظام القطري، ورغم تغيّر الاستراتيجيات الأميركية بمجيء إدارة الرئيس ترامب، إلا أن حكام الدوحة لم يستطيعوا التملص من دورهم كوكيل، فآثروا أن يتحولوا إلى مرتبة العرّاب والراعي والفاعل الأصلي، معتقدين أنهم يمنطقون بالإرهاب في مواجهة الجار والشقيق، وأنهم قادرون على تحقيق ما فشل في تحقيقه مشغلوهم الأوائل.

لم يدرك القطريون أنهم وإن حاولوا التذاكي عبر التلاعب بأمن واستقرار العالم، فإن أوراقهم كانت مكشوفة منذ الأول: نظام يتآمر على الجميع، أدواته الترهيب الإعلامي والترغيب المالي وفتاوى قرضاوية صادرة بحسب الطلب، وعصابات موزعة في كل مكان تنشر الموت وتنظّر للكراهية وترسل سهام الغدر في كل اتجاه، حتى بات الخراب العربي مرتبطا باسم قطر، وتشويه صورة الإسلام مرتبطاً بشيوخ قطر، وتزوير الحقائق وتزييف الوقائع عنوانا لإعلام قطر.

لقد لعبت قطر على جميع التناقضات، واشترت من الضمائر والذمم ما فضح حقيقة ما يدور في مطابخ السياسة الدولية، واستطاعت أن تتغلغل في دوائر القرار الغربي عبر شبكات مرتزقتها من عملاء الاستخبارات والإعلاميين والحقوقيين والباحثين والفاعلين السياسيين، إلا أنها فشلت في أن تخفي أهدافها التخريبية نحو أشقائها.

فكان أن سقطت عنها أوراق التوت، وهي في حالة اندفاعها الأهوج لبث الفتنة ونشر الفوضى في أقرب الدول إليها، متلبسة بجريمة الغدر القومي والديني والأخلاقي والإنساني، غدر مرتبط بالفطرة، يذكّر بتلك القصة التي تقول إن ضفدعاً كان يستعد لعبور نهر من ضفة إلى أخرى وبينما هو يستعد لذلك‏ إذ به يجد عقرباً يقول له‏:‏ هل تساعدني في عبور النهر معك؟.

فقال له الضفدع ببراءة: ولماذا لا تستطيع أنت الاعتماد علي نفسك وتعبر بمفردك؟ فأجابه العقرب: أنا لا أعرف العوم، ولكي أعبر النهر يجب أن تحملني فوق ظهرك حتي نصل سوياً. ف

قال الضفدع وقد بدأ يشك في الأمر: ولكنك مشهور بأنك تلدغ كل من تقابله فهل يعقل أن أسلمك ظهري، فتلدغني وأموت بسمك ؟. فرد عليه العقرب بكل ثقة: كيف ألدغك وأنا على ظهرك وسط النهر؟ وأن موتك يعني غرقي وموتي.

فاقتنع الضفدع بصدق العقرب، ووافق أخيراً علي مساعدته، وامتطى العقرب ظهر الضفدع لتبدأ رحلتهما لعبور النهر، ولكن في منتصف الطريق فوجئ الضفدع بالعقرب يغرس شوكته في ظهره أثناء العوم، وشعر بالسم يتسرب إلى أنحاء جسمه، وقواه تتجه إلى الانهيار تماماً، فقال للعقرب بنبرات من قربت نهايته: ماذا فعلت أيها الحقير؟ لقد حكمت علي بالموت، وعلى نفسك كذلك، فرد عليه العقرب: عذراً، لم أستطع أن أنسى أنني عقرب، ولو لم أفعل ذلك لكنت خسرت جدارتي بأنني عقرب.

ويبدو أن النظام القطري لم يكتف بدور العقرب، وإنما تعمد تفريخ آلاف العقارب في المنطقة والعالم، شعارها الغدر، وهدفها إفراغ شحناتها القاتلة في المجتمعات الآمنة.

 

Email