السياسة البريطانية في مأزق

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مهمة صعبة في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي وبعض الملفات الداخلية مثل الضغوط المتزايدة على قطاع الخدمات.

وقد ازدادت تلك المهمة صعوبة بعد تلك الانتخابات ولم تكن بحاجة لها. فقد قامرت بالدعوة لانتخابات مبكرة وخسرت الرهان وهي تدفع الثمن الآن، إذ هدفت إلى تعزيز أغلبية حزبها داخل البرلمان، ولكنها خسرت تلك الأغلبية.

وقد خرجت تظاهرات بالآلاف يوم الأحد الأول من يوليو في لندن ضد سياسات الحكومة التقشفية وكانت هناك لافتات تطالب تيزيزا ماي بالاستقالة من قبل مؤيدين لحزب العمال والاشتراكيين وغيرهم.

ولمواجهة الأزمة التي تواجهها ماي فقد عقدت اتفاقية صداقة وتعاون مع الحزب الديمقراطي الوحدوي لضمان تصويت أعضاء هذا الحزب العشرة بجانب حزب المحافظين داخل مجلس العموم لدعم القوانين ولا سيما اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ولكن تلك الأغلبية بستة أصوات فقط هي مخاطرة إذا حدث تمرد من قلة قليلة من بين المحافظين في البرلمان لهزيمة الحكومة في تمرير بعض القوانين بمجلس العموم. وقد يموت بعض أعضاء الحزب البرلمانيين وتخسر أغلبيتها إذا لم يفز محافظون في تلك الانتخابات التكميلية.

إن ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي هو أصعب القضايا التي قد تحدد مستقبل ماي كرئيسة للوزراء. وقد أكدت ماي على المضي في الخروج وعدم القبول بولاية محكمة العدل الأوروبية على المواطنين الأوروبيين الذين يعيشون في بريطانيا.

وكانت ماي حاسمة مع دافيد ديفيس الوزير المسؤول عن الخروج حول قضية المحكمة وعدم تطبيق القوانين الأوروبية على الأراضي البريطانية لأن هذا يتعارض مع مبدأ الخروج والاستفتاء الشعبي الذي طالب بالخروج. وأكدت ماي على الخروج من السوق الأوروبية الموحدة لأن البقاء به يرتبط بحرية انتقال الأفراد وهو ما يتعارض مع وعود ماي بتقليل الهجرة إلى بريطانيا من دول الاتحاد.

اذا أرادت ماي أن تنجح في تلك المهمة عليها أن تقوم بعدة أمور. الأمر الأول تأمين شركاء تجاريين يحلون محل الاتحاد الأوروبي للتقليل من مخاوف رجال الأعمال البريطانيين. ويمكن لبريطانيا أن تستفيد من مصر كبوابة إلى أفريقيا ودول الخليج.

الأمر الثاني يركز على الصفقات التجارية مع بعض الدول الأوروبية التي لها مصالح متبادلة مع بريطانيا مثل ألمانيا وفرنسا، وبالتالي يمكن أن تعقد اتفاقات ثنائية مع بعض تلك الدول وكذلك اتفاقات مع الاتحاد ككتلة واحدة مثل سويسرا وغيرها.

إن المصالح المتبادلة سوف تفرض نفسها على تلك الدول ولن تجد مناصاً من عقد اتفاقات لأن ذلك يصب في مصلحة الجميع كما أن العلاقات الدولية مبنية على المصالح أكثر منها الايديولوجيات والمواقف السياسية.

يدور الأمر الثالث حول التفاوض من موقف القوة وليس الضعف. إن المفاوضات هي عبارة عن حرب نفسية في جانب كبير منها.

جونتر الذي قال يجب سد الفجوة التي ستتركها بريطانيا في ميزانية الاتحاد والتي تبلغ 16% من ميزانية الاتحاد الكلية وتبلغ 13 مليار دولار. واقترح تقليص نفقات الاتحاد أو إيجاد بدائل أخرى ويمكن الاستفادة في هذا الخصوص من تصريح مفوض مالية الاتحاد الأوروبي.

الأمر الأخير يتعلق بقدرة ماي على التواصل مع الشعب البريطاني والإعلام بصورة تظهر حرصها الشديد على تحقيق مصلحة المواطن البريطاني وبريطانيا. فعليها أن تركز على مسألة السيادة والقانون البريطاني على الأراضي البريطانية.

وعليها أن تروج لوجود بدائل تجاريين للاتحاد، وأن الاتحاد ليس نهاية المطاف. ويمكنها أن تؤكد أهمية العلاقات الوطيدة على المستويات الامنية والتجارية خارج السوق الموحدة خلال المفاوضات مع شركائها الاوروبيين وتوضح ذلك للمواطنين.

يمكنها أيضا أن تخصص الأموال الموجهة للاتحاد لقطاعات حيوية داخل بريطانيا ويفيد المواطن العادي بصورة مباشرة مثل القطاع الصحي وقطاع الإسكان. يمكن أن تروج من خلال الإعلام وضع مبالغ محددة لتلك القطاعات وبها تكسب الرأي العام وتعوض خسارتها في الانتخابات بمكاسب شعبية.

 

 

Email