إيران بين ترامب وأوباما

ت + ت - الحجم الطبيعي

سبق أن أعلن البنتاغون في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن عن جهوزية خطة ضرب إيران (ضرب المواقع النووية) في سياق السياسة التي اعتمدتها إدارة الرئيس آنذاك لمواجهة إصرار إيران على المضي قدماً ببرنامجها النووي.

وتكرر ذلك في الفترة الرئاسية الأولى للرئيس السابق باراك أوباما، ولكن بصوت أقل حدة وتحت مسمى آخر وهو أن جميع الخيارات واردة، إلا أن هذه التهديدات لم تثن إيران عن نهجها ما دفع الرئيس أوباما في فترته الرئاسية الثانية، ومع مجيء الرئيس روحاني للحكم في إيران إلى مقاربة الموضوع سلمياً في مفاوضات شاقة مع إيران، شاركت فيها القوى الكبرى للتوصل إلى اتفاقية 2015 تم فيها تحييد البرنامج النووي الإيراني لأمد محدود.

إلا أن الصورة قد تغيرت مع مجيء الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم، فهو لم يتخذ أي إجراءات تعرقل استمرار تنفيذ الاتفاقية النووية مع طهران، كما وعد في حملته الانتخابية بل وافق على تمديد العمل بتخفيف العقوبات على إيران حسب ما هو منصوص عليه في الاتفاقية النووية، معلناً في الوقت نفسه بأن الاتفاقية قيد المراجعة.

واشنطن في عهد ترامب غير راضية عن الاتفاقية النووية مع إيران إلا أنها لا ترغب بخسارة دعم حلفائها الغربيين في حالة اتخاذها خطوات من جانب واحد لتعطيل العمل بها ما يجعل فرض أي إجراءات عقابية جديدة على إيران أمراً أكثر صعوبة.

إلا أن ذلك ليس رسالة تطمين لإيران، فالظروف الدولية قد طرأ عليها تغيرات جلبت لها المزيد مما يدعو للقلق على أمنها، فإذا كان الاتهام الأول الذي واجهته على مدى سنوات طويلة بشأن أهداف برنامجها النووي قد تراجع مع التوقيع على اتفاقية عام 2015 ليبرز بديلاً عنه اتهاماً آخر يتعلق ببرنامج الصواريخ البالستية الذي تراجع هو الآخر أمام الاتهام الجديد وهو رعايتها للإرهاب في العالم. والاتهام الأخير هو الأكثر خطورة لأنه يقربها من موعد وقوعه.

من الصعب تصور أن إيران وهي ترسم استراتيجيتها التوسعية في المنطقة قد أهملت أو قللت من شأن مخاطر التصادم في مرحلة معينة مع دول أخرى من المنطقة أو من خارجها، فما أسهم بتهدئة مخاوفها وبتشجيعها على المضي في نهجها هو غياب الدور العربي من جهة وعزوف إدارة الرئيس أوباما عن الانخراط بمشاكل المنطقة بعد التجربة غير المشجعة في كل من أفغانستان والعراق من جهة أخرى.

القمة الأميركية - الإسلامية التي عقدت في الرياض أعلنت بشكل غير مسبوق بأن إيران هي مركز الإرهاب الدولي وأنها المسؤولة عن زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وهنا، بهذا التصعيد ضد إيران تكون واشنطن عادت إلى إحياء شراكاتها الاستراتيجية مع الدول العربية في نقلة هي الأبرز في السياسة الأميركية الجديدة.

لا شك أن الرئيس ترامب قد أجرى تغييراً ملحوظاً في سياسة بلاده حيال إيران، وهذا لا يعني سوى الميل نحو الأخذ بخيار استخدام القوة في مرحلة ما من مراحل تطور أزمة مواجهتها، فبعد ما يقرب من 20 عاماً من الحرب العقيمة على الإرهاب، ما الجديد الذي سيصدر عن أكثر الإدارات يمينية في البيت الأبيض في العصر الحديث من إجراءات لمواجهة دول لا تنفك تتحدى الولايات المتحدة وعلى رأسها إيران التي أصبحت أخطر التهم تطاردها؟

هناك منظمات وميليشيات مدرجة في قائمة الإرهاب الدولي منذ سنوات لا تزال تصول وتجول وتعيث فساداً في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا يعترض طريقها أحد ولا تعاني سوى القليل جداً من متاعب المضايقات الدولية غير الجدية. إدارة الرئيس ترامب تتهم بشكل صريح مجلس الأمن الدولي بالتقاعس في تنفيذ قراراته على لسان سفيرته لدى المنظمة الأممية نيكي هالي في تصريحها في الثلاثين من يونيو المنصرم.

فهل سيضع الرئيس ترامب وشركاؤه في التحالف الدولي ضد الإرهاب نهاية لكل ذلك عن طريق عمليات عسكرية تنفيذاً لمقررات قمم الرياض التي عقدت مؤخراً ؟

Email