شطب حل الدولتين

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تستطيع أن توقف الريح لكن بإمكانك أن تغلق النافذة. وحين تهب العاصفة فمن الجنون أن تبقي رأسك مرفوعاً. اخفضه حتى تمر العاصفة لكن إبق إرادتك منتصبة ووعيك مستيقظاً. لا تنحني معه إن انحنى ظهرك. هذا ما هو حاصل مع الفلسطينيين الذين لا يبدون في وارد الانكسار رغم العصي التي تكسرت على ظهورهم طيلة 69 عاماً.

إذ أن قضيتهم تراوح مكانها بين مد قصير المدى وجزر أوصلهم إلى جدار عازل وجدران بين ضفتهم وغزتهم. أما «دولتهم» فتبدو في أحسن حالات التفاؤل إذ أنها لن تكون إلا في غزة التي تعتبرها إسرائيل لعنة تاريخية يجب التخلص منها!

كان أملهم معقوداً على «حل الدولتين» الذي بشر به جورج بوش الابن، فرحل بعد ولايتين، ثم باراك أوباما ورحل أيضاً بعد ولايتين، كل ولاية للرئاسة الأميركية أربع سنوات. ثم جاء رئيس الفجأة دونالد ترامب ليشطب «حل الدولتين» ويعد بحل غير معروف حتى الآن رأسه من رجليه.

فقد قال البيت الأبيض في رسالة نشرها في ختام مباحثات ممثلي الرئيس الأميركي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، إن «القادة الأميركيين والإسرائيليين يشددون على أن تحقيق السلام سوف يستغرق وقتاً»، وأنه «يستدعي خلق الأجواء التي تفضي إليه».

واجتمع نتانياهو بمبعوثي ترامب إلى المنطقة، جارد كوشنر- صهر ترامب - وجيسون غرينبلات، «للبحث في كيفية تحريك المفاوضات في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين». وشدد البيان الصادر عن المباحثات على أنه تم التأكيد على «أولويات إسرائيل في الخطوات المقبلة، في إطار الإقرار بدور إسرائيل المهم في أمن المنطقة». ووصف البيان المباحثات بأنها «مثمرة»، وإن الجانبين «أكدا التزامهما بتحقيق الرؤية الذي وضعها ترامب للتوصل إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين وتعزيز الاستقرار في المنطقة».

وأشارت رسالة البيت الأبيض إلى أن المبعوثين سيعودان إلى واشنطن لاطلاع ترامب، ووزير الخارجية، تيلرسون، ومستشار الأمن القومي الأميركي، هربرت ماكماستر، على نتائج جولتهما والتباحث بشأن الخطوات الأميركية المقبلة.

وتقول الإدارة الأميركية إنها «لا تريد إعادة التجارب وتكرار الفشل في مسارات التفاوض السابقة بين إسرائيل والفلسطينيين»، وإن ترامب «يسعى لتقدم رؤية شاملة لحل». وكان الرئيس الأميركي، قد تحدث عن أنه «سيقبل أي حل يكون مقبولاً على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني»، معتبراً أن «حل الدولتين ليس السبيل الوحيد الممكن من أجل التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط». كما قال، في حينه، إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، «لا تشكل عائقاً أمام تحقيق السلام».

موقف ترامب هذا من الاستيطان شجع الحكومة الإسرائيلية على المضي قدماً في تسمين وتوسيع المستوطنات التي هي من وجهة النظر الفلسطينية والعربية تشكل عقبة رئيسية في مفاوضات السلام.

إلى جانب ذلك، أعطى مبعوثا الرئيس الأميركي نتانياهو الضوء الأخضر لمواصلة سياسته المراوغة تجاه مسألة السلام، لكن ماذا أعطيا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمقابل في اجتماعهما به في رام الله؟

الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة قال، بعد اللقاء، إن عباس وكوشنر ناقشا كل القضايا المركزية التي تشكل القضية الفلسطينية. وكان عقد قبل اجتماع كوشنر مع عباس، لقاء تمهيدي جمع غرينبلات مع مسؤولين فلسطينيين.

ونقل عن مسؤول فلسطيني قوله إن اللقاء كان سيئاً، في أقل تقدير، وتحول إلى متوتر بسبب قضية المخصصات التي تحولها السلطة الفلسطينية لذوي الشهداء والأسرى. وأضاف المسؤول نفسه أن «الأميركيين يتبنون ادعاءات نتانياهو بشأن التحريض الفلسطيني»، مضيفاً أن غرينبلات أصر على وقف دفع المخصصات. وقال: إن الفلسطينيين، في المقابل، طالبوا الولايات المتحدة بأن تعمل على تجميد البناء الاستيطاني في المستوطنات.

إلى ذلك، نقل عن مسؤولين فلسطينيين قولهم إنه في اللقاء مع غرينبلات لم يذكر المصطلح «حل الدولتين» أبداً. وأضاف المسؤولون أنه قبل وصول كوشنر إلى رام الله، طلب منهم إعداد قائمة بـ 12 مطلباً يريدون عرضها في إطار المفاوضات المستقبلية.

وزير الخارجية الأميركية، ريكس تيلرسون، كان قد صرح، في مطلع الشهر الجاري أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، طلب من محمود عباس وقف تحويل مخصصات لذوي الشهداء والأسرى. وبعد تصريحات تيلرسون، أكدت مصادر فلسطينية وإسرائيلية أنه لم يحصل أي تغيير في سياسة دفع المخصصات لذوي الشهداء والأسرى. وفي حينه اعتبر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، أن وقف دفع المخصصات يعني استدعاء تفكيك السلطة الفلسطينية.

لننتظر ولايتين أخريين من عهد ترامب ليعلن في ختامهما، كعادته، عبر تويتر: «آسف لم أستطع إيجاد حل»!!

Email