أوله قطر.. ثم ينتشر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمكن أن تسكن حياً، وتعتقد أن لك منزلاً هادئاً فيه، تزرع أمامه شجيرات ظل، أو نباتات زينة، وتشعر بالطمأنينة مع جيران طيبين، إلى أن تكتشف فجأة، أن أحد الجيران خرج عن شروط الجيرة والإخاء، وعن مبادئ التضامن والوفاء، فانطلق يتآمر على الجميع، ربما ليشعر بأنه الأقوى وهو الضعيف، وربما ليقال إنه أكبر وهو الصغير، وربما ليقنع القوم بأنه الأكثر دهاء في حين أن أوراقه مكشوفة وغاياته معروفة، وحساباته مفضوحة، ومواقفه مجروحة.

وعندما يسقط عن وجهه القناع، ويقرر الجيران مقاطعته بسبب نفاقه وفساد أخلاقه، يبدأ في الصراخ والعويل، وفي التنديد والوعيد، وفي الاستقواء بالمرتزقة من الأحياء المجاورة والبعيدة، وفي شراء الضمائر، واستقطاب اللصوص لإخافة الجيران والأشقاء، وفي فبركة المواقف وتزييف الأنباء، وبث الإشاعات عبر الأرجاء، كأن يقول إنه البريء المستهدف من حاسديه، أو أنه المحاصر من أهله وذويه.

وحين يطلب منه الجيران تصحيح مساره، والتخلي عن سوء اختياره، وإعادة النظر في موقفه وقراره، يذهب في اعتقاده، أن لا حل أمامه إلا التمادي في غيّه والتمسك بعناده، رغم أنه يعلم أنه لن يستطيع تغيير الدار، ولا طرد الجيران، ويدرك أن انتصاره في المعركة من سابع المستحيلات، وتعويله على الأغراب لن يفتح أمامه سبل النجاة.

وكذلك هو الجار القطري، أعطاه الله الخير الوفير، وجعله في كنف جيران أشقاء وأحباء، يقفون معه في السراء والضراء، فاختار أن يخترق الوفاق ببذور الشقاق، وأن ينقلب على التضامن والوضع الآمن، بالتآمر على القريب لمصلحة الغريب، والدخول في ألاعيب صبيانية، ومؤامرات شيطانية، حيث تعمّد دعم الإرهاب لاستهداف الجيران والأحباب، وارتفعت أبواق إعلامه بالصخب والضجيج تحرض على أشقائه في الخليج، وانفتحت خزائنه لعصابات الإخوان لينطلقوا في دول الجوار عابثين.

ورسم خطته لدعم الفوضى والشغب متآمراً على مملكة بحرين العرب، وعندما ادعى أنه يشارك في تحرير اليمن من المعتدين، كان يقدم الأخبار والمال والسلاح للحوثيين، ثم امتدت خطاه إلى مصر وسوريا وليبيا والعراق ولبنان، واقفاً حيناً في الإخوان وأحياناً في صف إيران، ولا يستحي من تقديم يد العون والمساعدة، سواء للدواعش أو للقاعدة، حتى قيل إن «أول الإرهاب قطر ثم ينتشر» وقيل «إذا الداعشيّ أراد امتداداً، فلابدّ أن تستجيب قطر».

قالت العرب: طوبى لمن أهدى إليّ عيوبي، وكان على حكام الدوحة، أن يعترفوا بالذنوب التي اقترفوها، وأن يغتسلوا من خطاياهم، ويعتذروا لضحاياهم، وأن يعودوا إلى صوابهم الذي فقدوه، وإلى محيطهم الذي غدروا به وخانوه، وأن يطردوا شرذمة الشر من ساحاتهم ويسلموا المطلوبين إلى حكوماتهم.

وأن يكفوا على صنع المؤامرات، ويعودوا إلى أحضان أشقائهم بالاعتذارات، وأن يتعهدوا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وبالكف عن تبني الميليشيات الإرهابية، وأن يغلقوا أبواق الفبركة والكذب والبهتان، سواء التي في بلادهم أو التي يمولونها في بقية البلدان.

فإذا إذا كان الجار صادقا مع أجواره، حقق السلامة في داره، وإذا وفى لأشقائه، ضمن دوام عزه ورخائه.

فيا ليت حكام قطر يدركون ذلك.

 

 

Email