شرفة آخر العمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحدث أن ترى عجوزاً في الثلاثين وشاباً في الستين، الأول يحمل على كتفيه هموم الحياة حتى ثقلت عليه، فلم يعد قادراً على تحريك أيام عمره شبراً إلى المستقبل.

ولا على غرس شجرة يأكل من ثمرها ويتفيأ ظلها حين يتقدم به العمر.هاجسه الغد الذي لم يأتِ بعد، فأضاع اليوم والغد معاً.

الثاني، شاب الستين، كان طيلة عمره يعيش يومه بكامل ساعاته. يصحو مبكراً، يتمتع بالشمس البكر، يتناول قهوته بمزاج صافٍ، يسقي وردات في حديقة بيته فيرتوي بهاءً ونشاطاً، ثم يذهب إلى عمله كل يوم كأنه أول يوم. يعمل، ينتج، يُكافأ، ويضمن مقابل كل يوم أياماً مريحة في شرفة المستقبل.

كلاهما يعد الأيام بطريقته. الأول أخطا في العد. نسي أن العمر لحظة سريعة كالبرق. ولم يستمع لقول إن الخوف من الخوف أخطر من الخوف نفسه. الثاني أدرك الحقيقة مبكراً، وتعلم أن العمل أساس الحياة.

فلو طلبت من كأس الماء مليون مرة أن يتقدم إليك لتشرب، فلن يفعل، وستموت عطشاً، ما لم تتحرك أنت وتتناوله بيدك.قالوا زمان «الحركة بركة». و«اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً».

ديل كارنيجي المؤلف الأميركي ومطور الدروس المشهورة في تحسين الذات، ومدير معهد كارنيغي للعلاقات الإنسانية (1888 -1955)، كتب في مسألة القلق والخوف من الحياة، وفتح طرقاً أمام من يريد أن يكون سعيداً.

من أكثر الكتب انتشاراً، كتابه «دع القلق وابدأ الحياة». ومن أشهر أقواله: «تذكر أن اليوم هو الغد الذي كنت قلقاً عليه بالأمس»، فكر جيداً وانتق من يفكر، واعمل مع من يفكر، أنجز مهامك الصعبة أولاً..

أما السهل منها، فسوف يتم من تلقاء نفسه، تتحقق الكثير من الأشياء المهمة في هذا العالم لأولئك الذين أصروا على المحاولة، على الرغم من عدم وجود الأمل، اسأل نفسك بانتظام، ما هو الاستخدام الأمثل لوقتي في هذه اللحظة، ولا تقتل الوقت أو تهدره.

ما دعانا لتناول موضوع العمر الذي لا يعد بالأرقام، بل بالعمل والإحساس التقرير الاقتصادي الدولي الذي دعا إلى تمديد سن التقاعد حتى 70 عاماً على الأقل في الدول الغنية، وذلك لارتفاع متوسط العمر فيها لأكثر من 100 عام. وأوضح أنه يتعين على الموظفين مواصلة العمل حتى 70 عاماً في دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة واليابان وكندا.

يقول مدير أنظمة البنى التحتية والمالية في المنتدى الاقتصادي العالمي مايكل دريكسلر، للبي بي سي، إن الزيادة المتوقعة في عمر الإنسان كانت المعادل المالي للتغير المناخي، مضيفاً «علينا مواجهة الأمر الآن، وإلا علينا القبول بأن تخيم تداعياته الضارة على أجيالنا القادمة، وأن تضع عبئاً لا يمكن تحمله على كاهل أطفالنا وأحفادنا».

وأضاف التقرير، الذي جاء تحت عنوان «سنعيش حتى 100 عام- كيف يمكننا ذلك»، إنه يتعين على الحكومات تيسير الأمر على الموظفين وتوفير الأموال لهم بعد بلوغ التقاعد، مبيناً أن الفجوة في مدخرات التقاعد يتوقع ارتفاعها من 70 تريليون دولار إلى 400 تريليون دولار بحلول 2050 في ثماني دول تناولها التقرير، هي أستراليا وكندا والصين والهند واليابان وهولندا وبريطانيا والولايات المتحدة.

هذه الفجوة هي المبلغ المالي اللازم في كل دولة لتوفير دخل التقاعد، بما يساوي 70 في المئة من دخل الشخص قبل بلوغ سن المعاش. وقال رئيس وحدة الصحة والثروة في مؤسسة ميرسر جاك غوليت، إحدى أكبر شركات الموارد البشرية في العالم ومقرها بريطانيا، وهي إحدى المؤسسات المشاركة بالتقرير، إن القضية تمثل أزمة حقيقية، مضيفاً " ليس هناك حل سحري لحل الفجوة التقاعدية، وعلى الأفراد زيادة مدخراتهم الشخصية والإلمام بالنواحي المالية" .

ضرب المنتدى مثالاً بالدنمارك، التي أطلقت لوحة بيانات على الإنترنت، رتّبت فيها معلومات التقاعد لإطلاع الموظفين على تفاصيل حسابات الادخار المختلفة الخاصة بمعاشاتهم.

 

Email