جائزة أفضل معلم خليجي

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من أن تكنولوجيا التعليم تخرج لنا كل يوم من جعبتها ما قد يعجز الفرد عن متابعته، وعلى الرغم من أن المداخل التعليمية تتطور بشكل مستمر لتجعل من المتعلم جزءاً من العملية التعليمية وتحوله من متلقٍّ إلى متفاعل ومشارك وباحث عن المعلومة وساعٍ إلى معرفة أفضل الطرق التي يمكن له أن يوظفها.

وعلى الرغم من أن طرق عرض المادة التعليمية قد تغير وكذلك بناء القاعات الدراسية، وعلى الرغم من تغير العلاقة بين أطراف العملية التعليمية، على الرغم مما حدث ومما سيحدث، سيظل للتعليم جناحان، بدونهما لا يمكن له أن يحقق نفعاً أو أن ينتج ثمراً، هما المعلم والطالب.

المعلم سيظل في موقع القلب من تلك الدائرة باعتبار أنه حلقة الوصل بين كل ما سبق من تحديثات وبين المعني بذلك وهو الطالب.

معظم ما يتم من تطوير يتم تقديمه عبر المعلم، الذي يجب عليه أن يكون مقتنعاً به مستوعباً له محيطاً بأبعاده قادراً على التعامل مع أدواته متصلاً بما يطرأ عليه من مستجدات، هنا يستطيع أن ينقل تلك الحالة بكفاءة وحماس إلى طلابه في الوقت الذي يستطيع فيه أن يستنفر قدراتهم الفكرية وتوجيه طاقاتهم العقلية للخروج بهم من دائرة الحفظ المبني على التلقين إلى التوظيف العملي المبني على الفهم.

ومن التعامل مع الدراسة باعتبارها مرحلة يجب الانتهاء منها للحصول على شهادة إلى مرحلة يمكن له أن يستمتع بما فيها باعتبار أنه يقوم بعمل يحبه، والفرق كبير.

لذا سيظل المعلم العنصر الأهم في التعليم طال الزمان أو قصر، تطورت أدواته أو بقيت على ما هي عليه، وتعامل الأبناء مع تكنولوجيا العصر أو الأدوات التقليدية، غير أن المختلف هو طبيعة الأدوار التي يجب أن يقوم بها المعلم والتي تنعكس على الطالب أيضاً.

من هنا كان تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على دور المعلم في العملية التطويرية، حين أكد غير مرة أن «تضحيات المعلم وعطاءاته الدائمة قادرة على إحداث الفارق في حياة أبنائنا الطلبة، الذين نُعدهم لمواصلة مسيرة البناء».

مضيفاً سموه أننا «سنواصل جميعاً العمل لضمان توفير تعليم نوعي لأبنائنا الطلبة وأجيالنا القادمة، يكون المعلم المبدع محوره الرئيس»، باعتبار أن تطور كافة جوانب العملية التعليمية لا يمكن أن يكون في غياب المحفز لها والموجه لأهدافها، وخاصة أنه ليس منوطاً به الجانب التعليمي فقط لكنه في كثير من الأحيان ملهم لتلاميذه ونموذج حي يرونه أمامهم ويقتدون به.

التعلم ليس عملية ميكانيكية خالية من الحالة الإنسانية التي تعتبر كذلك، رضينا أم أبينا، عنصراً فاعلاً ومهماً في إحداث الفاعلية، فإذا ما كانت اتجاهات التلاميذ إيجابية تجاه من يعلمونهم وأنهم يثقون فيهم ويشعرون أنهم يريدون لهم الخير فلن يحدث تقبل لما يقولونه وسيواجهونه بتحدٍّ ورفض، تلك طبيعة نفسية ونتائج لدراسات عديدة في علم النفس التربوي.

ولعظم دور المعلم وثقل المسؤولية التي يحملها وحتى يكون معداً بما يتفق وطبيعة المرحلة التي يمر بها عالمنا والتحديات التي تواجه الأجيال الجديدة ولن يكون سوى العلم الدرع الواقي وسفينة النجاة التي على الشعوب أن تحكمها حتى تصل إلى بر آمن، لأهمية ذلك كان إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان جائزة أفضل معلم خليجي، مؤكداً «أن مهنة التعليم ارتبطت بالمنزلة الرفيعة والمكانة الاستثنائية في نفوسنا.

واستمدت أهميتها ومكانتها وقوتها من رسالتها النبيلة، التي اتخذت من القيم التربوية والمبادئ السامية والعلم والمعرفة منهجية تؤطر لها، وتجعل من المعلم شريكاً أساسياً في تنمية العقول، وتهذيب الأخلاق، وبناء وتنمية المجتمعات.

وأن ما يقدمه من عمل دؤوب مخلص قادران على إحداث الفارق في حياة أبنائنا الطلبة، الذين نعدهم لمواصلة مسيرة البناء والتنمية المستدامة، متسلحين بالمهارات والعلوم والمعارف، وقبل ذلك كله بالقيم والمُثل والأخلاق المستمدة من ديننا السمح، والعادات والتقاليد الراسخة لمجتمعاتنا العربية، والمواطنة الصالحة».

لا شك أن المعايير التي تقوم عليها الجائزة تبدأ بالتميز في الإنجاز من خلال المبادرات المؤثرة التي يقدمها المعلم وتأثيرها في الطالب والمدرسة.

فضلاً عن الأفكار الابتكارية التي قدمها فيما أسند إليه وهو ما من شأنه أن يجعل من الابتكار منهاج عمل وأسلوب حياة وقيمة يتم غرسها في نفوسهم من سن مبكرة من حياتهم، فضلاً عن التطوير المهني والعلمي والتعليم المستمر الذي يحافظ على لياقة المعلم العلمية ووهجه الفكري بما يجعله قادراً على التحصيل والعطاء، ثم يأتي الدور التربوي للمعلم من خلال غرس القيم مثل الولاء وحب الوطن واحترام التنوع الثقافي والتسامح وقبول الآخر.

وهو الأمر المرتبط بالصحة النفسية للطالب، وتختتم المعايير بمعيار يتعلق بالريادة المجتمعية وأن يكون المعلم ذاته نموذجاً ملهماً لغيره للسير في الطريق ذاته.

في تقديري أن رعاية المعلمين وتكريمهم هو تكريم لكل من تعلموا على أيديهم وقيمة أصيلة تجعل من التعليم والتعلم قيمة وغاية.

 

Email