عقدة صعبة في أميركا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يخشى غراهام أليسون من جامعة هارفارد، من وقوع الصين والولايات المتحدة في «مصيدة ثوسيديدس»، التي سميت تيمناً بالمؤرخ الذي زرع الصراع بين أثينا القديمة وإسبرطة، والتي أدى فيها التنافس بين القوى الناشئة والقوى الراسخة إلى الحرب حتماً، وأكثر مما مضى، تظهر أبحاث أليسون أن هناك منافسات مماثلة جرت على مر التاريخ.

السؤال الأكبر في هذا المجال هو، عما إذا كان أكبر اقتصادين في العالم يشرعان بانطلاقة جديدة، أم ما إذا كان مصير إعادة الماضي مألوفاً جداً؟!

اللقاء الأول وجهاً لوجه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأميركي دونالد ترامب، هو مؤشر افتتاحي لأي طريق سيسلكه.

العلاقة المتشابكة التي ربطت بشكل وثيق بين الاقتصادين الأميركي والصيني خلال العقود الثلاثة الماضية، هي أساس الصراع الحالي وحل هذا الصراع، وهناك مئات الملايين من الصينيين الذين هربوا من الفقر وتسلقوا سلم المداخيل، من خلال توريد البضائع الرخيصة والمنتجات، مثل «وول مارت» و«كوستكو» و«هوم ديبوت»، أو تجميع هواتف أبل وغيرها من الإلكترونيات الموجودة في كل مكان في حياة الأميركيين اليومية.

باعتبارها مصنعاً للأجور المنخفضة للتصدير في العالم، فقد شرعت الصين بوظائف قد تكون أنشئت في الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإنها أيضاً مستورد رئيس للمواد التي تنتجها، ويقال إنها أنفقت أكثر على استيراد الرقائق الدقيقة مقابل النفط، وعلى نحو متصاعد، فإن ثروات الصناعات الأميركية الرائدة، مثل صناعة السينما في هوليوود وشركة بوينغ للطيران، تعتمد على الأسواق الصينية.

الموارد المالية الهائلة التي راكمتها الصين من فائضها التجاري مع الولايات المتحدة، بحسب ما يشير ديفيد شامبو من سنغافورة، يمكن أن تُحرك مرة أخرى إلى الولايات المتحدة لتمويل مشاريع البنيوية التحتية التي يروج لها ترامب.

تخطط الصين لمستقبل اقتصادي يتطلع إلى حد كبير إلى أبعد من الولايات المتحدة، من خلال اتفاقات التجارة الحرة الإقليمية في شرق آسيا، وإحياء طريق الحرير التجارية التي تنعش التجارة في المنطقة، التي تدخل عبر أوراسيا، وتمتد من بكين إلى إسطنبول، وتعمق الروابط التجارية مع أفريقيا، وبالمختصر، إذا كان بإمكان الولايات المتحدة والصين إدارة العقبات على مدى السنوات القليلة المقبلة، فإن الصراع الاقتصادي حل نفسه مع مرور الوقت، إلا أن هناك عقبة كبيرة جداً يجب أن يتخطوها أولاً، وبالنسبة إلى الزعيمين، فإن التعامل مع النووي في كوريا الشمالية وبرنامج الصواريخ، عبارة عن مواصلة للغز.

ويبدو أن المسار المحتمل مستقبلاً، هو مزج بين العقوبات الأشد قسوة التي تدفعها الولايات المتحدة، وتأتي بعدها محادثات مباشرة مع قائد كوريا الشمالية، كيم جونغ إيل، والتي تدفع الصين باتجاهها، بحسب الدبلوماسي الصيني الكبير فو ينغ.

خلال الوقت الذي أمضاه ترامب في فلوريدا، شن أول ضربة عسكرية مباشرة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، حيث مكمن الطائرات التي استخدمت غاز السارين القاتل ضد المدنيين.

وصف قائد «ناتو» السابق، جيمس ستافريديس، هذه الخطوة بأنها «متناسبة والصوت التكتيكي والمتنفذ مهنياً»، وقال إنها ترسل رسالة استراتيجية متماسكة معقولة، وأضاف أن تلك الرسالة ليست فقط من أجل روسيا وسوريا، ولكن من أجل الصين وكوريا الشمالية.

وتتشابك علاقة الصين المتشابكة مع الولايات المتحدة في مناقشات الهجرة، وبينما ركز معظم ذلك النقاش على المكسيكيين والمسلمين، اندلع انشقاق جديد بين الجيل الثاني والثالث من الأميركيين الآسيويين والمهاجرين الذين وصلوا في السنوات الأخيرة من دول نامية إلى دولة أكثر جرأة وأكثر ازدهاراً.

فرانك وو، الذى يرأس اللجنة المرموقة لمئة من كبار رجال الأعمال الصينيين الأميركيين، سخر من صعود المهاجرين الجدد إلى آسيا قائلاً: «بعض أولاد عمنا البعيدين الذين يظهرون هنا مثيرين للقلق. هؤلاء متعصبون لا يهتمون بالديمقراطية. ويعتقدون أنهم أفضل من غيرهم من الناس من أعراق ثانية، وبالكاد يشار إلى أن الأمر واضح جداً.

ويفترض أن كل ذلك ليس سراً، وأنهم سيتجاوزون البيض، ورداً على هذا الوصف من شنغهاي، يخشى روبرت لي من أن النخب الصينية الأميركية «فوجئت بدعم دونالد ترامب من قبل الوافدين الصينيين الجدد. وإذا كانوا لا يشعرون بالتضامن مع المجموعات المحرومة، فإن ذلك ليس لأنها مضطربة، ولكن لأنها تعتبر نفسها محرومة».

Email