عشاء البيت الأبيض

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل أن ينهي الرؤساء الأميركيون رئاستهم تقيم رابطة مراسلي البيت الأبيض حفل عشاء يدعى إليه نخبة من النجوم والإعلاميين الصحافيين، وهو تقليد متبع في الولايات المتحدة منذ العام 1924.

وقد حضر جميع الرؤساء الأميركيين عشاء مراسلي البيت الأبيض مرة واحدة على الأقل.

وعادة ما يُلقي كل رئيس أميركي خطاباً يغلب عليه المرح في الحفل السنوي. وحضر الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، الحفل ثماني مرات، وفي سنوات ماضية، حضر دونالد ترامب نفسه ذلك العشاء.

في عام 2011، قال باراك أوباما مازحاً خلال العشاء إن دونالد ترامب سيحول البيت الأبيض إلى كازينو إذا أصبح رئيساً، في حين رد ترامب إن أوباما لم يُولد في الولايات المتحدة..

وظهر دونالد ترامب، رجل الأعمال الشهير في نيويورك آنذاك، أمام الكاميرا وعلى وجهه ملامح الغضب خلال وابل النكات الذي تعرض له من الحاضرين، من بينهم مقدم الحفل سيث مايرز.

وعلى الرغم من ذلك قال ترامب في العام الماضي إنه «أحب ذلك العشاء» إلا أن ترامب الرئيس المعادي للصحافة والصحافيين، الذين وصفهم بأنهم الأكثر فساداً على وجه الأرض، أعلن أنه لن يحضر حفل العام الحالي في 29 أبريل المقبل. وقالت رابطة مراسلي البيت الأبيض، في بيان، إنها أخذت علماً بإعلان الرئيس، وإن العشاء «سيظل احتفالاً بالتعديل الأول لدستور الولايات المتحدة والدور المهم الذي تلعبه وسائل الإعلام المستقلة».

جاء إعلان ترامب بعد يوم واحد من استبعاد البيت الأبيض محطات إعلامية وصحف بارزة من حضور موجز صحفي غير رسمي..

ويأتي إعلان ترامب الذي نُشر على موقع تويتر في وقت تواصل فيه العلاقات بين البيت الأبيض وبعض وسائل الإعلام تدهورها، وفي وقت سابق استبعدت وسائل إعلام، من بينها محطتا بي بي سي البريطانية وسي إن إن الأميركية من حضور موجز دون كاميرات عقده السكرتير الصحافي بالبيت الأبيض سين سبينسر.

وقبل ساعات من عقد الموجز الصحافي، شنّ ترامب هجوماً قوياً على ما سماه «الأخبار المزيفة» في وسائل الإعلام، مستشهداً بعدد من القصص الإخبارية مجهولة المصدر وقال إن «الأخبار المزيفة» هي «عدو الشعب».

في العشاء الأخير الذي أقامه أوباما قال جملة بين المزاح والجد، لكن يبدو أنه كان أميل إلى الجد حين قال: «نهاية الجمهورية لم تظهر قط بشكل أفضل». يعني الولايات المتحدة الأميركية، وربما أكثر تحديداً كان يقصد عهد ترامب الذي كان آنذاك مرشحاً للرئاسة في تنافس حاد مع الديمقراطية هيلاري كلنتون.

كان أوباما يتحدث بطريقة ساخرة، وكان أول الحديث عن دونالد ترامب، حيث قال أوباما: «يقولون إن ترامب يفتقر إلى الخبرة اللازمة ليصبح رئيساً في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، لكنه وللإنصاف أمضى سنوات في لقاءات مع زعماء من أنحاء العالم مثل ملكة جمال السويد، وملكة جمال الأرجنتين، وملكة جمال أذربيجان».

وتابع تهكمه قائلاً: إن من منافساته «ملكة جمال الكون» التي كان ترامب سابقاً أحد أصحابها. كما اتهمه بأنه خبير بالنساء أكثر منه بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية.

في ذاك اليوم من مايو 2016 كان أوباما يستعرض روحه الفكاهية أمام الصحافيين داخل البيت الأبيض فيما خارجه تتعالى أصوات التظاهرات احتجاجاً على قصف مناطق سوريا وسقوط آلاف المدنيين في حلب، لكن الرئيس تجاهل تماماً الحديث عن أي أزمات في العالم، فهو يغادر والسلام شبه معدوم ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل والإرهاب يداهم عواصم أوروبا.

وتحدث أوباما أمام حشد من كبار الفنانين والصحافيين والسياسيين بروح دعابة نادرة عن الربع الأخير من رئاسته وعمره وزوجته وإيران ونتنياهو. وقام الرئيس الأميركي بمزحة أمام جمعية المراسلين معلقاً على جون باينر الذي دعا رئيس الوزارء الإسرائيلي نتنياهو في مارس لإلقاء كلمة أمام الكونغرس ما أدى إلى إحداث توتر في الكونغرس فقال:

«يبدو أنني خلال فترتي الرئاسية قد أصبت بالهرم، لقد بانت علي علامات التقدم في العمر، حتى إن جون باينر قام بدعوة نتنياهو لإلقاء كلمة في مراسم جنازتي».

كما علق أوباما أيضاً على هيلاري كلنتون التي قامت بحملتها الانتخابية بوسائل النقل الصغيرة لتكسب أصوات الفقراء من الشعب من متوسطي الدخل فقال:

علي التركيز على عملي فبالنسبة للعديد من الأميركيين لا يمكن الوثوق بهذه الأيام الأخيرة، فمثلاً لدي صديقة كانت قبل أسابيع تكسب ملايين الدولارات سنوياً، أما اليوم فهي تعيش داخل حافلة صغيرة في آيوا. ويبدو أن فترتي رئاسة أوباما كانتا «مزحة» من عيار ثقيل أطلقها من يتحكم في لعبة الديمقراطية الأميركية ليكون الكاسب الوحيد فيما يؤدي الآخرون أدواراً على رقعة الشطرنج.

لقد كان التحول سريعاً والانعطافة مفاجئة من أوباما الضعيف المهادن الداعي للتعايش بين الديانات إلى ترامب الهجومي بخطابه المعادي للإسلام والمسلمين والصحافة والأجانب وربما.. للأميركيين أنفسهم..!

 

Email