وسام الخير

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن المجتمعات العفية الصلبة هي المجتمعات المتماسكة المترابطة، التي يأخذ أعلاها بأدناها، وكبيرها يرأف بالصغير، والغني يعطف على الفقير، ومن عنده فضل حاجة يعد بها على من لا حاجة له.

ومن عنده فضل مال يعد به على من لا مال له، هنا تحدث الصحة النفسية لأفراد المجتمع، ويشعر كل واحد بأن نجاح غيره يعود عليه بالخير فيساعده على تحقيق المزيد من النجاحات ويمد له يد العون وإن كانت ضعيفة لأنه يشعر بأن له سهماً في مسيرته، وعندما تسود تلك الحالة المجتمعية ويكون التراحم والتكافل ثقافة مجتمع يتحقق السلم المجتمعي ويزيد النسيج الاجتماعي متانة وقوة.

ولأنه من الأهمية بمكان أن يتحول هذا الجهد الفردي إلى صيغة جمعية مؤثرة موحدة قادرة على التأثير، تعرف متى وأين تكون نتاجها قيمة كبيرة قادرة على صنع الفرق، جاء مركز الوقف لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تصدرته المقولة الجامعة لسموه وهي «نفتح أبواب الخير لأهل الخير، ونطمح إلى أن نكون الشعب الأكثر وقفاً لخدمة الإنسانية».

ولا شك في أن رؤية المركز في تحويل العمل الخيري إلى مؤسسة من خلال وضع استراتيجية للأوقاف والهبات تضع رؤية للعمل الخيري، ينتقل به من رد الفعل إلى فعل طويل المدى، وهو ما يعد قوة خيرية رادعة للكثير من الأزمات الإنسانية، التي يعد عنصر الوقت والتخطيط والاستعداد لها يساوي إنقاذ حياة العشرات والمئات من البشر.

كما أن إتاحة بيئة تشريعية واضحة للهبات والوقف تمثل سياج أمن وتأطيراً قانونياً لكافة الممارسات الخيرة التي تنأى به عن سوء الاستغلال، كما أنها تعد سياج أمن لأصحاب المبادرات الخيرة وكذلك للعاملين في إطارها وجهات الانتفاع.

إن تقديم المركز لاستشارات فاعلة في الأوقاف والهبات يفتح آفاقاً رحبة للعمل الخيري، ويضيف مجالات غير منظورة قد تكون أكثر احتياجاً من غيرها، كما أنه يحولها من القيمة المؤقتة ذات النفع غير الدائم إلى المشروع الأكبر عائداً والأكثر فائدة.

وينتقل بها إلى المساهمة في إحداث تنمية حقيقية للمجتمع وفي مختلف المجالات من خلال رصد الحالات الملحة للأوقاف والهبات، في الوقت الذي يتم رصد قدر منها للأوقاف المبتكرة التي تخرج بها عن النشاطات المعتادة، والتي تستجيب لما يستحدث من أنشطة ومجالات تفرضها طبيعة العصر واختلاف الاحتياج من وقت إلى آخر، وهي ثقافة يجب الوعي والاهتمام بها.

ولا شك في أن منح علامة وقف دبي لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، وهي الكلية التي أوقفها جمعة الماجد منذ عام 1986 خدمةً لمجتمع الإمارات والطلاب الخليجيين والعرب، والتي تقدم برامج البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الدراسات الإسلامية والعربية.

وللأسباب التي وردت وحصولها على تلك العلامة القيمة يعد نموذجاً يمكن الاقتداء به، حيث يلتحق فيها حالياً أكثر من 1806 طلاب وطالبات، بينما بلغ عدد خريجيها منذ تأسيسها ما يقارب 11601 خريج.

وبالإضافة إلى برامجها الأكاديمية، تقدم الكلية برنامج إنجاز للتأهيل لسوق العمل، وهو برنامج وقفي طرحته الكلية وفق رؤية متكاملة وواضحة تدعم مبادئ رؤية الإمارات 2021 وتؤدي إلى رفع مستوى مشاركة الكوادر الوطنية في سوق القوى العاملة.

وخلق فرص عمل للمواطنين على مستوى الدولة، وهو برنامج أكاديمي مهني يهدف إلى تزويد حملة الثانوية العامة بمهارات وأخلاقيات العمل اللازمة لمراحل التوظيف الأولية، وإعدادهم لممارسة مهامهم الوظيفية المختلفة بقدر عال من الكفاءة والإنتاجية، ويلتحق في البرنامج حالياً حوالي 600 طالبة في دبي والفجيرة.

إن منح علامة دبي للوقف هو تطبيق لرؤية المركز وفلسفته في أن تقديم النفع العام يجب أن يشمل مختلف القطاعات ومن أهمها التعليم باعتباره القاطرة التي تقوم عليها نهضة الأمم، وهي بلا شك وسام الخير ووسمه الذي يضع بحروف من نور كل الأعمال الخيرة من خلال حزمة تحفيزية تجعل لها مكانتها الأدبية والمادية وسط غيرها من المؤسسات لتثبت لها مكاناً ومكانة كبيرة.

فضلاً عن بناء الصورة الطيبة في محيطها وهي على درجة كبيرة من الأهمية، غير أن حصول المؤسسة على الأفضلية في المشتريات والتعاقدات الحكومية مع الجهات التابعة لحكومة دبي، والتركيز الإعلامي على أنشطتها يؤكد المساندة الرسمية لأنشطتها، فضلاً عن نظرة المجتمع للجهات المانحة باعتبارها مواطناً صالحاً. إن علامة دبي للوقف باتت وسام الخير لأهل الخير.

* أكاديمي إماراتي

Email