كيف تصل الدولة إلى من يهمهم الأمر؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الدولة المصرية لديها ما تقوله لشعبها؛ لأن هناك جهداً خارقاً للعادة يجري على أرض مصر للخروج بالدولة من حالتها الراهنة، إلى انطلاقة تاريخية كبرى، ومن ثم فإن الإعلام المطلوب هو إعلام عن هذه الحالة من العمل القومي من أجل خروج مصر من دائرة عالم الدول النامية، ولحاقها بعالم الدول المتقدمة.

هو تنويه بجهد المصريين، قادة وشعباً. المعضلة مع هذا الوضع هو أن أعباء طائلة باتت ملقاة على عاتق رئيس الدولة الذي بات عليه أن يقوم بأدوار مؤسسات كاملة في عرض المشروعات القومية وتسليط الضوء عليها، وشرح سياسات الدولة في الإصلاح الاقتصادي، ودفع الشعب دفعاً للتطلع إلى الأمام بدلاً من النظرة الدائمة إلى الخلف.

تاريخياً فإن هذه المهمة كانت ملقاة على عاتق الهيئة العامة للاستعلامات، التي كان عليها فضلاً عن شرح وتوضيح سياسات الدولة المختلفة، والتشبيك بين الجهد الإعلامي لمؤسسات الدولة، وكل ذلك في الداخل والخارج، فإنها كانت تخطط للظهور الإعلامي لرئيس الجمهورية وتفاعله مع الرأي العام.

قام الإخوان المسلمون بضم الهيئة العامة للاستعلامات وولايتها لرئاسة الجمهورية تمهيداً ربما لإطلاقها لترويج البرنامج الدعائي للمنظمة الإرهابية.

الآن هناك حاجة ماسة لاتخاذ خطوات ثورية تكفل للهيئة العامة للاستعلامات المساهمة الإيجابية في عملية البناء الحالية في مصر بحيث توفر لها التفهم، والتعاطف، والاستعداد للمساعدة والمساهمة والاستثمار والمساندة. وحتى يمكن ذلك لا بد من تغيير "العلامة BRAND” الخاصة بالهيئة بدءا من تغيير اسمها وحتى مضمونها وطريقة عملها.

المقترح هنا هو أن يحل محل الهيئة كيان آخر تحت مسمى "مركز مصر المعاصرة" يقوم بمهمة الإعلام الرسمي المصري، ويوجه بوسائل متنوعة الإعلام المصري كله بالتأثير والمعلومات، ويكون عونا لرئيس الجمهورية في التعامل مع الإعلام الداخلي والعالمي.

مهمة "مركز مصر المعاصرة"، ومكانه الطبيعي مؤسسة الرئاسة، هي الدفاع إعلاميا عن نضال الشعب المصري من أجل التقدم واللحاق بالعصر الحديث، ووضع مصر في مكانها اللائق بين شعوب ودول العالم.

هو المركز المعبر عن ثورة الشعب المصري على واقع لا يتناسب مع حضارته الطويلة؛ وسعيه الدؤوب من أجل التقدم متماشيا في ذلك مع التراث العظيم لمصر عبر تاريخها الطويل، ومع ما تزخر به الدولة من إمكانات وطاقات هائلة.

هو الهيئة المكلفة برسم السياسة الإعلامية للدولة، موضحا الرسالة الإعلامية في كل مرحلة، ومستخدما كافة الوسائل والوسائط الممكنة من أجل ايصال هذه الرسالة، والرد على الدعاية المضادة في الداخل والخارج.

هو في النهاية المعبر عن رئيس الجمهورية في المجال الإعلامي، من أول التحضير لخطبه المختلفة في الداخل والخارج، وحتى شرح ودعم ما يطرحه من خطط وسياسات، وخاصة أمام المراسلين الأجانب في القاهرة، وبالتواصل المستمر مع وسائل الإعلام العالمية.

حتى ينجح مثل هذا المركز فإن عليه خلق قنوات مع مصادر المعلومات المختلفة في الوزارة، والوزارات، ومكاتب المحافظين، والسفارات المصرية في الخارج، والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وأمثالها بحيث يتوفر له مسار دائم للمعلومات اللازمة لتجهيز رسالة إعلامية ناضجة، وآنية، ونافذة للقارئ والمستمع والمشاهد.

هذه الرسالة لديها أدواتها ممثلة في المكاتب الخارجية لمصر، بحيث تكون مؤثرة في الرأي العام والنخبة السياسية في البلدان التي يكون فيها للرأي العام والنخبة السياسية وزن في اتخاذ القرار، ويكون لمصر فيها مصالح كبيرة، ويكون للدولة هذه إشعاع إعلامي كبير يجري خارج حدودها.

هذه الدول هي الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والاتحاد الأوروبي (بروكسل)، وما عدا ذلك فإنه لا توجد حاجة لمكاتب أخرى، مع توجيه موارد المكاتب المصفاة إلى عمل المراكز المذكورة، ومع تفعيل النادي الصحفي للمراسلين الأجانب في مصر، يجري وضع خطط للعمل الإعلامي على المديين القصير والمتوسط ثم طويل المدى، بحيث تتماهى الثوابت المصرية في الحضارة، والبناء، والتخلص من التخلف، وهزيمة الإرهاب، والاعتدال الديني، مع المواقف المختلفة التي تتولد عن الظروف والتي تحتاج للعمل الإعلامي السريع.

التناسق والانسجام بين هذا وذاك بالغ الأهمية، ويحتاج لمهارات وقدرات خاصة. الإعلام هو جزء لا يتجزأ من القرار السياسي، وبدونه فإننا نواجه مواقف صعبة.

Email