ترجّل الفارس خميس مطر المزينة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يتكلّم الناس عن شخصٍ ما فاعلم أنّ الحقيقة أكبر من أي تلميع أو تزويق. فعندما تحزن دبي دانة الخليج والإمارات الفتية الناهضة وكذلك كل البشر ممن يعرفون هذا الرجل فاعلم أن الحق والمصداقية والموضوعية والحقيقة قيم كبيرة سامقة وباسقة لا يمكن أن تكذب أو تُداهن أو تُجامل أحداً أبداً.

رحل الفريق خميس مطر المزينة القائد العام لشرطة دبي «أبو محمد» شهيداً في رحاب الله ولآخر ساعة من حياته العامرة بحب الوطن قائداً كبيراً كما كان، ظلّت الأعين والأسْماع والجوارح تدعو له بالرحمة والمغفرة، لأنّه قائد مؤسسة أمنيّة كبيرة، هي القيادة العامة لشرطة دبي يتولى رئاستها منذ سنين عدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

حظي، رحمه الله، بحب وتقدير كبيرين من جانب العاملين والمتعاملين مع شرطة دبي، ونفذ بحرفية رؤية الإمارة في الانتقال إلى الحكومة الذكية، وقاد فرق العمل في أهم القضايا التي شهدتها الإمارة، ولم يتوقف عن العمل الميداني رغم أعباء منصبه الإدارية. فقد خدم المزينة وطنه على مدار عقود، تدرج خلالها في العمل الأمني بشرطة دبي، إلى أن صار قائداً عاماً لشرطة دبي في العام 2013.

رجال الشرطة المخلصون كثيرون فهم من تولّوا قيادة شرطة دبي مثل: عبدالله بالهول، ومعالي الفريق ضاحي خلفان والفريق خميس مطر المزينة الذي رحل كبيراً، وترك موقعه كبيراً وخلفه إخوان وقادة وأبناء يعرفون قيمته قائداً لا يهتم إلاّ بالعمل فقط لا يُجامل في عمله، ترك الدنيا لأهل الدنيا، وكان على صدره نياشين وأوسمة.

وشارات تُبرز هذه الإنجازات على مستوى شرطة دبي ووزارة الداخلية وحكومة دبي ودولة الإمارات والدول العربية والعالم ممثلاً بالشرطة الدولية (الإنتربول)، ترك أبو محمد هذه الدنيا مع إرث من الإنجازات المسطّرة في نفوس الموظفين والعمل الإداري والعمل الأمني والعمل الجنائي.

وترك إنجازاته تقول أشياء وأشياء، ومنها أنّ القادة الكبار لا يموتون أبداً، لأنّ الناس تترحم على إنجازاتهم الكبيرة، ترك شرطة دبي، ودبي الحالمة التي كان يسهر على أمنها وراحتها ليتوسّد التراب لأنّها مشيئة الله سبحانه وتعالى، ومن يقرأ صفحات الرجل في عمله يعرف عنه الكثير والكثير.

ولكن خلال عملي في شرطة دبي التي ناهزت الـ20 سنة سمعنا عنه وشاهدنا بعض المواقف التي جمعتنا معه، حيث كان يتميز بشخصية قوية حازمة وهيبة يفرضها على من حوله وله قرارات تنبع من فكره ويُحسب لوجوده ألف حساب.

رحمه الله تعالى كان لا يعرف التقاعس أو التأخرّ، وله ذاكرة قويّة يستطيع أنْ يمحّص بها الحقائق ومازالت سنوات عمله في التحريات والمباحث الجنائية مؤثّرة عليه أيّما تأثير وكان، رحمه الله، موسوعة من المعارف وله ذاكرة متّقدة.

أتذكّر أمام جلسات التقييم لبرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز يجتمع بالساعات أمام المقيّمين، ويُجاوب على أسئلتهم ولو تتطلب لساعات طويلة وكانت جولات التفتيش السنوية تُحفّز الإدارات العامة ومراكز الشرطة على الاستعداد الأمثل لها لأنّه عميق في طرحه وأسئلته ونقاط التحسين التي يسأل عنها.

ترك أبو محمد مكاناً كبيراً في القيادة ونفوس الجميع لأنّه قائد فذ، علّم وتعلّم من القيادات التي عاصرها سواءً كان معالي الفريق ضاحي خلفان، أو مساعدي القائد العام الحاليين، ونخصّ بالذكر اللواء الدكتور عبدالقدوس عبدالرزاق العبيدلي مساعد القائد العام لشؤون الجودة والتميز الذي يُعتبر مدرسة شُرطيّة في الجودة والتميز، رحل القائد العام ليترك كل شيء للأجيال الشابة والواعدة لتكمل مسيرة الإبداع والابتكار والريادة الشرطية، رحمك الله أيها الفارس الكبير.

Email