إن صحوت يوماً ولم تجدك لا تيأس. إن لم تجد عنبك لا تلم الدالية، ابحث عمن قتل الناطور. إن لم تطلع الشمس فلا تنتظرها، جد شمسك.
وإن صحوت ولم تجد وطنك فتأكد أنك عربي ابن عربي ابن عربي.
جدك الترك نهبوا أربعة قرون من قمحه، وريع زيتونه وهويته. استعبدوه، جعلوا منه جندياً انكشارياً، انتزعوه من حقله، حمّلوه بندقية وأرسلوه إلى بلاد لا يعرف كيف ينطق اسمها ولا لغة أهلها ليقتل من ليس عدوه بل عدوهم. انهزموا فمعهم انهزم في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل يعود عليه، مات من مات ولم يعرف في أي أرض دُفن أو.. لم يُدفن، ربما أكلته الذئاب. وعاد من عاد حافي العينين واليدين، وفي قدميه أثر تراب غريب.
أبوك الإنجليز والفرنسيون والطليان احتلوا بلده. اقتسموا وطنه العربي الذي كان كبيراً، قطعة قطعة سموها دولاً، رسموا لها الحدود ونشروا الجنود، بين كل بلد وبلد زرعوا لغماً حدودياً لتقتتلوا على حفنة تراب كان ترابكم كلكم.
واقتتلتم، ما من دولة إلا خاضت معركة مع جارتها، بعضها استجارت بالرمضاء السوفيتية، وبعضها بالنار الغربية، وها هم كلهم يحترقون بالنارين (انظر حلب، الموصل، بنغازي، تعز، عدن، صنعاء ووو...).
وفيما كنتم في غفلة مما يكيدون لأمتكم، جعلوا من فلسطينكم وقدسكم مكباً لنفايات البشر. أقاموا لهم دولة. تخلصوا من مكرهم وفسادهم ومراباتهم وفتنتهم ورفضهم الاندماج مع أبناء أوطانهم الأصلية، جاؤوا بهم من الغيتوهات والمواخير ليسكنوهم أقدس أرضكم. ولأنكم لا تقرؤون وإن قرأتم لا تستمعون لصوت التاريخ، لم تصدقوا شكسبير حين كتب عن شايلوك اليهودي تاجر البندقية وكيف أراد اقتطاع قطعة من لحم فقير استدان منه قطعة لحم يتاجر بها ولم يكن لديه الثمن.
لقد حفل الأدب العالمي بإظهار طبيعة الشخصية اليهودية الصهيونية؛ فإضافة لإشارات تولستوي وتورغينف وغوغول وغيرهم من كبار الروائيين والكُتاب الروس عن الصورة السلبية لشخصية اليهودي، فإن واحداً من أعظم الروائيين في العالم وليس في روسيا فقط، وهو دوستويفسكي كرس جزءاً مهماً من أعماله، خاصة منزل الأموات ودفاتر السجن، لنقد الشخصية اليهودية؛ حتى إن اليهود اعتبروا هذه الأعمال المؤسس الحقيقي لما يسمونه (معاداة السامية) ويقصدون اليهودية.
وكذلك موقف الموسيقار الكبير فاغنر الذي تمنع مقطوعاته الموسيقية حتى الآن في «إسرائيل». كذلك موجة النقد والسخرية من الشخصية اليهودية المرابية في روائع الأدب البريطاني، خاصة عند ويلز وبيلوك وشو وشكسبير وديفو ومارلو وجرانفيل.
وقد أخذت هذه الموجة عدة عناوين: ربط اليهودية بالربوية غير المنتجة، كما في رواية دانييل ديفو (روكسانا السيدة سيئة الحظ)، وشخصية اليهودي الوغد المرابي في رواية كبلنغ (خبز فوق سطح الماء)، وفي مسرحية شكسبير (تاجر البندقية)، ومسرحية مارلو (يهودي مالطا)، وكذلك مسرحية جورج جرانفيل (يهودي البندقية).
وكما في رواية غراهام غرين (قطار الشرق السريع أو قطار اسطنبول) عبر شخصية ميات، وفي رواية تشارلز ديكنز (اوليفر تويست) عبر شخصية زعيم العصابة فاجن التي تذكرنا بشخصية اليهودي في رواية مارلون بوزو (العراب).
لم يكن نقد الشخصية اليهودية «ممنوعاً» في العالم، فلم تكن كذبة الهولوكوست قد اخترعت وانطلت على الرأي العام العالمي بعد. إذ إن ثمة يهوداً إسرائيليين يدركون الحقيقة ويجاهرون بها بعيداً عن غلاة الصهاينة والمتطرفين الحاخاميين. أخيراً نقلت صحيفة «هآرتس» على موقعها على الإنترنت عن عاموس عوز، أشهر الكتاب الإسرائيليين، قوله:
إن تعبير «تدفيع الثمن» الذي يستخدم بشكل واسع لوصف الهجمات التي يشنها المتطرفون اليهود على الفلسطينيين والعرب الإسرائيليين ليس سوى تخفيف لحقيقة ما يحصل. وأضاف الكاتب الإسرائيلي أمام مدعوين كانوا يحتفلون ببلوغه الخامسة والسبعين: «هناك أسماء لطيفة تستخدم لوصف المسخ، الذي لا بد من تسميته بما هو عليه: مجموعات من النازيين الجدد العبرانيين».
لقد سرق الصهيونيون الأرض، قتلوا الكبرياء، خنقوا الشعب، وها هم يمنعون الأذان في الأقصى والمساجد في فلسطين، وتلك لها قصة أخرى.