الحق في الاتصال والأخلاقيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحدد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المبادئ الأساسية التي على البشرية الالتزام بها مما يوفر فرصة لصيانة الكرامة الإنسانية ومن هذه المبادئ ما يرتبط بحق الإنسان في الاتصال إذ جاء فيه: أنه لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.

وعلى كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواً حراً كاملاً. ويخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.

وتتوفر مجموعة من المحددات الثقافية والبنى الاجتماعية التي تعمل على صياغة الأخلاقيات التي تعمل على صيانة المجتمعات. وليس من شك في أن هناك قيماً أخلاقية ذات طابع إنساني عالمي لن نعدم من إيجادها في أي مجتمع من المجتمعات.

ومن أساسيات التي يعتمدها البشر أن الإنسان حر لممارسة تجربته وتطوير إمكانياته، ما دام لا يتعارض أو يتدخل في حريات الآخرين، ولا يؤثر على الكون سلبياً.

فالحرية للفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين والحرية يجب أن تظل مكفولة ونستذكر هنا مقولة عمر بن الخطاب «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً». فحقنا في الحياة والحصول على الماء والهواء يوازي حقنا في الاتصال فالإنسان بناء على رأي ابن خلدون «مدني بطبعه».

الحرية والكرامة هما من أساسيات الأخلاقيات المشتركة التي يجب صيانتها، ولا بد أن نتذكر أنه بالإضافة إلى ذلك لا يجوز الاعتداء على خصوصية الإنسان بالإساءة إليه بتشويه صورته.

وكذلك فإن الصدق سمة أخلاقية رفيعة للسلوك البشري في مختلف جوانب حياته، ويُصبح أكثر إلحاحاً حين يتعلق الأمر بإعلام الناس وتقديم الأخبار إليهم.

ولذلك اشتملت المواثيق الإعلامية على هذا المبدأ ليكون إحدى ركائز المواثيق الإعلامية، وارتبط بهذا المبدأ الأساسي عدة عناصر ذات صلة تتمثل: بالموضوعية وهي تعني تقديم القضايا مجردة من الذاتية. والتوازن وهو يعني تقديم وجهات نظر متعارضة بنفس المقدار وإتاحة الفرصة لكل وجهة نظر عرض رأيها بدون تدخل.

والدقة وهي ترتبط بالمقدرة الخاصة بالإعلامي بتحري الدقة فيما يكتب أو ينشر. والإنصاف وهو يعني تقديم القضايا والحقائق بإنصاف يمكن وقدرة المواطن على فهمها. والكرامة وهو يرتبط بصيانة مشاعر الآخرين وتجنب الإساءة إليهم. والمصداقية وترتبط برؤية المتلقي لمصدر المعلومات باعتباره مصدراً موثوقاً به. والشفافية وتعني الوضوح والانفتاح والمساءلة.

والمشكلة التي تواجه هذه القيم العليا من الموضوعية إلى الشفافية أنها غير كافية لتحقيق ذلك لأنها تخضع لعوامل واقعية تؤثر على طريقة التعامل مع هذه القيم مثل شخصية الإعلامي وثقافته والقوانين المنظمة للإعلام، وقيم المؤسسة التي ينتمي إليها الإعلامي والأيديولوجية السائدة في المجتمع والضغوط الاجتماعية والسياسية وظرف العمل المهني.

واليوم في عالم تتقاطع فيه مصالح المؤسسات الإعلامية وتنمو فيه وسائل الاتصال التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعية بشكل لا يمكن للفرد متابعتها وتمييزه بين تلك الوسائل التي تقدم الحقيقة أو تلتزم بالقيم الأخلاقية والتي لا تلتزم بها.

فإن الإنسان العادي الذي لا يمتلك الحس النقدي ولا يمتلك الثقافة المناسبة فإنه لا يمكنه أن يصل إلى الحقيقة وسيتيه بين فوضى تدفق المعلومات التي يستقبلها. وسيكون محظوظاً إذا جاء اعتماده على مدى المؤسسات الإعلامية ملتزماً بالقيم الأخلاقية.

Email