قانون القراءة الإماراتي حياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يعد لأحدٍ عذر بعدم الاهتمام بالكتاب!

الإمارات تقدّم باستمرار دروساً في مجال التحريض على القراءة، رفوف للمكتبات في أماكن الانتظار، مسابقات رسمية، دعم حكومي، واستجدّ الآن إصدار قانون حول القراءة!

في تغريدة عبر حسابه غرد الشيخ محمد بن راشد في «تويتر» قائلاً: «في بادرة حضارية وتشريعية غير مسبوقة أصدر رئيس الدولة حفظه الله أول قانون للقراءة في المنطقة، يضع أطراً تشريعية وتنفيذية حكومية لترسيخ القراءة، احتفيت مع مجموعة من الطلاب الأوائل في تحدي القراءة العربي بإطلاق هذه المنظومة التشريعية المتكاملة، نستثمر فيهم لبناء مستقبل مجيد لشعبنا».

ثم يشرح مواد القانون، فهو: «يلزم الحكومة بالتدخل مبكراً لترسيخ القراءة عبر توفير الحقيبة المعرفية للمواليد، ويعطي الموظف الحق في القراءة التخصصية ضمن ساعات العمل، والقانون يعفي مواد القراءة من أي رسوم أو ضرائب لغايات التأليف، أو النشر أو الطباعة والتوزيع ويوفر تسهيلات للمؤلفين والمحررين ودور النشر بالدولة.

القانون يلزم المدارس بوضع خطة سنوية لتشجيع القراءة بين الطلبة، ويرسخ احترام الكتاب بينهم بمنع إتلافه وصونه وإعادة استخدامه أو التبرع به، ويرسخ الكتاب كأحد المظاهر الحضارية في مجتمعنا ويلزم المقاهي في المراكز التجارية بتوفير مواد القراءة لمرتاديها.

قانون القراءة سيعمل على تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في إنشاء المكتبات والمراكز الثقافية من خلال منحه الحوافز والتسهيلات والتخفيضات، وقانون القراءة أقر إنشاء الصندوق الوطني لدعم مبادرات القراءة، وألزم وسائل الإعلام العامة بتخصيص مساحات برامجية للتشجيع على القراءة».

من الواضح أن الإمارات عازمة على تحويل القراءة إلى جزء من يوميات كل شخص قدر الإمكان، ذلك أن التعميم على المراكز، وأماكن التسوّق، والقطاع الخاص، والمقاهي، من أجل تحويل الواقع إلى مكتبة متنقلة، وهذا يساعد على زيادة كفاءة الإنسان في محيطه.

إن القراءة هي استثمار في الإنسان، ومن دونها لا يمكن لأية حكومة أن ترفع من كفاءة موظفيها، ولا أن تزيد من قدرة أفراد المجتمع على الإنجاز، والقراءة مردودها ليس شخصياً، بل ينعكس على التنمية كلها. حين ترتفع معدلات القراءة في أي مجتمع تستطيع أن تراهن على رفع كفاءة العمل، وتزايد مستوى الإنتاج الفردي.

والقراءة تضاعف من خبرة الفرد، فبدلاً من أن يكون محصوراً بخبرته هو في عمله وإنجازه، مع القراءة يكتسب خبرات الآخرين، خذ مثلاً كتب المذكرات، وهي من أثرى الفنون التي تثري الإنسان وتصقل تجربته.

أقرأ هذه الأيام مذكرات وزير النفط السعودي السابق المهندس علي النعيمي، الذي عمل وزيراً لمدة واحد وعشرين عاماً، طبعت تحت عنوان: (من البادية إلى عالم النفط)، تقرأ تجارب أجيال في كتابٍ واحد. يقول في المقدمة:

«لقي اجتهادي وحماستي الشديدان، تشجيعاً كبيراً، فدرست الجيولوجيا في جامعة ليهاي، في بنسلفينيا، ثم أتبعتها بدراسة الماجستير في جامعة ستانفورد، في كاليفورنيا، عدت بعد ذلك إلى المملكة في نوفمبر من عام 1963 مسلّحاً بالعلم»!

نعم سلاح العلم!

هذه المذكرات وتجارب الكبار والقادة، ومذكرات الرموز والزعماء، من المجالات التي تضيف إلى الإنسان وهو في مكتبه، يقرأ التجارب والصراعات، جنون الموت والحياة، صراع الخير والشر، تجارب الصعود والانهيار مع كل كتاب ينهيه الإنسان يكون قد تشرب تجربة جديدة، أضرب بمجال المذكرات على سبيل المثال، وإلا فإن الفلسفة تنظّف العقل وتشحذه وتزيد من عضلة التفكير، والأدب يصقل القلم ويرفع من جودة البيان في الكتابة واللسان، وللتراث سحره، وللتاريخ عجائبه.

قانون القراءة ضروري، حاول أن تقضي ساعة يومياً بصحبة كتاب.

لماذا يسهل علينا قضاء الساعات على جهاز لوحي، بينما نتململ سريعاً من صحبة كتاب؟!

 

Email