التميز يقود إلى الخيرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يكون العنوان فيه شيء من الاستغراب، كون ارتباط التميز بالحديث عن الجوائز والمسابقات، ومسارعة الجهات الحكومية والخاصة إلى تطبيق أفضل المعايير العالمية والمحلية مثل: النموذج الأوروبي للتميز (FQM) والنموذج الإماراتي الأصيل: منظومة الجيل الرابع للتميز الحكومي.

حيث أصبح تطبيق هذه الأنظمة يتطلب التدريب والتأهيل والتعلّيم لجميع الشرائح الوظيفية، ومنها الشريحة القيادية لأن كل المؤسسات ترغب في هذا التميز وتطبيقه لأن الكل يتسابق إلى التميز وتقديم خدمات متميزة والحصول على أفضل المواصفات العالمية.

التميز له وقع خاص سواء أكان في العمل أم الأسرة أم الحياة، ومهما كانت النتائج فالنجاح لا يأتي دفعة واحدة ولكنه محفز للعطاء، الذي هو عبارة عن تراكمات، وعلى الإنسان أن يملك الإرادة والعزم لينجح ويتجاوز الفشل، متبعاً خطوات محددة تعينه على المضي قدماً في طريق التميز الوظيفي.

في هذا المقال سننحو باتجاه المتعاملين والخدمات والعمليات الإدارية من حيث تجويدها وتمييزها عن الخدمات الأخرى المقدمة لدى الجهات الأخرى، وإن لهؤلاء المتعاملين كلمة دامغة فيها، الأمر الذي يجعل بعض الجهات تضع في استراتيجيتها سعادة ورفاهية المتعاملين وحتى على مستوى الموظفين كأطراف استراتيجية عليا.

وهناك علاقة بين نمط القيادة والأداء المتميز للفرد، فعند مواجهة الشخصية ذات الأداء المتميز بقيادة متسلطة أو غير مرنة فإنها تعيق جميع الإنجازات وتعطلها، كما أن القيادة اللامبالية بنوعية الإنجاز ودرجته تُحبط هذه الشخصية المتميزة إذ إنها ترى أن التميز وغيره متماثلان ولا داعي للاجتهاد مع هذه القيادات التي ترى الأمر سواء. والعكس صحيح مع القيادة المتميزة والمرنة التي تقدر الفرق في الأداء.

ويسهم التميز في الأداء الوظيفي برفع مستوى الكفاءة والإنتاج والفعالية في العمل وبحسب متخصصين فإن هناك خطوات لابد من اجتيازها لتحقيقه وهناك علاقة بين شخصية الموظف وأدائه المتميز، وتلعب الروح الإيجابية دوراً بارزاً في تحقيق هذا التميز.

لذا الانطلاقة التي نريدها هنا هي المتعاملون، لأنهم عماد الخدمات وأساس استحداث وتشكيل الجهات الحكومية، فهل من المتصور تأسيس مؤسسة أو هيئة أو دائرة من دون متعاملين؟ لا يمكن.

وعليه، فالتميز في تقديم الخدمات يجلب الخيرات والحسنات على هذه الدوائر والمؤسسات والجهات الحكومية سواء أكانوا قادة إداريين أم موظفين، فالقائد الإداري أو الموظف الإداري الذي يسعى إلى تبسيط الإجراءات على الخدمات وإدخال أفضل المواصفات من أجل إسعاد المتعاملين.

وتقديم خدمات متميزة نعتقد أنها تحقق هدفاً دينياً وثواباً كبيراً يتجلى في قضاء حاجات الناس، وعند تبسيط الإجراءات فهي تتجلى بإماطة الأذى عن الناس ورضا المتعاملين وإسعادهم وتسهيل أمورهم والتخفيف عليهم من كثرة الإجراءات والوثائق المطلوبة.

وحينئذ يتم ربط الأعمال الدنيوية وتحديداً الأعمال الإدارية /‏ الوظيفية بأعمال دينية مأجوراً عليها الإنسان الموظف، والأمر الذي يكون التميز المؤسسي معبراً وطريقاً جميلاً ونبيلاً للخيرات والحسنات، هذه الحسنات والخيرات التي تعود إيجاباً على الدولة والحكومة والناس والمجتمع ليظهر الهدف الحقيقي منه - أي التميز- ألا وهو خدمة الإنسان وإسعاده، وهذا بيت القصيد.

فالأداء المتميز هو الأداء الذي لا يمكن للجميع القيام به، وإنما يُقدمه موظف متميز، وغالباً ما يكون محباً للعمل الذي يقوم به. ويشير إلى أن هناك علاقة بين شخصية الفرد وأدائه المتميز، موضحاً «شخصية الفرد ذو الأداء المتميز غالباً لا ترضى بالأداء العادي أو إنهاء الأمر على أي صورةٍ كانت والمساواة بالآخرين، بل تحاول دائماً أن تأتي بالأفضل والأكمل وتبحث عن التميز الذي لم يستطع الغير الوصول إليه».

Email