إدارة التغيير في المؤسسات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتواصل الأحداث والوقائع دون توقف لأن الفعل الحركي فيها لا يموت، فالمستحيل في الأمس أصبح واقعاً اليوم، وأصبح الفكر البشري اليوم أكثر تقّبلاً لأي جديد أو شبه مستحيل لأن المتغيرات المتلاحقة جعلت الأمم والشعوب والبشر والأفراد متقبلين لأي شيء جديد نافع ومفيد.

وفي بيئة الأعمال الحديثة، تواجه المؤسسات تغيرات سريعة لم يسبق لها مثيل نتيجة العولمة والابتكار المستمر للتكنولوجيا والتي تجبر مؤسسات الأعمال على التطوير بشكل مستمر. كما أن بعض الظواهر الحديثة، مثل وسائط الإعلام الاجتماعية وثورة التكيف على المحمول، أحدثت ثورة في قطاع الأعمال وأوجدت حاجة متزايدة للتغيير لم تحدث من قبل وفي أي وقت مضى.

كما كان لنمو التكنولوجيا تأثير ثانوي لكن فعّال إذ جعل المعرفة متوفرة بشكل كبير، وبالتالي وفرت أساليب شفافة للمساءلة. ومنها سهولة الوصول للمعلومات التي سهلت للمساهمين ووسائل الإعلام القيام بعمليات تدقيق لم يسبق لها مثيل. كما سمحت للمتطفلين والمتابعين معرفة مدى نجاح أو فشل المشاريع التجارية، وبالتالي الضغط على المديرين والمنفذين.

فأمام هذا العالم بكل أطيافه وأجناسه واختراعاته وابتكاراته تواجه المؤسسات الحكومية وحتى الخاصة موجات متلاحقة من التغييرات سواءً أكانت قانونية أم إدارية أم تقنية أم فنية.

إن إدارة التغيير في العمل، أو التغيير التنظيمي، هو نهج يُتبع لتحويل أو انتقال الفرد، فريق عمل، أو منظمة من حالة راهنة إلى حالة مستقبلية منشودة، وغالباً ما تتم هذه المرحلة في المرة الأولى عند تطبيق منهجيات أحدث أو أنظمة عمل إلكترونية، فهي تهدف إلى مساعدة أصحاب المصلحة للقبول بالوضع المستهدف،.

وبالتالي، تبني التغييرات في بيئة الأعمال الخاصة بهم يهدف التغيير التنظيمي لمؤسسة ما في ضمان نجاح وسلامة تنفيذ التغييرات، وإلى تحقيق فوائد دائمة للتغيير تمهيداً للوصول للأهداف المرجوة.

وهذه التغييرات تحتاج إلى فكر إداري أو بالأحرى فكر قيادي يستوعب هذه التغييرات وأسبابها وآثارها، لذا أصبح قياديو اليوم في مؤسساتهم هم صنّاع التغيير إذا تمكنوا من فهم ماهية إدارة التغيير لأن مجتمعنا الإماراتي الشاب يحتاج إلى قفزات تليها قفزات لأن رؤى القادة الحكماء كبيرة جداً وفي شتى المجالات.

ولذا كان حرياً بالقيادات المؤسسية أن تواكب هذه الرؤى، وتحفّز موظفيها ليكونوا استراتيجيين، لأن مجموع هذه الرؤى يحقق الرؤية العليا للدولة والحكومة، الأمر الذي يجعلنا نفتش عن أساليب إدارة التغيير التي سوف يتبعها هؤلاء القادة المؤسسيون.

إدارة التغيير هي منهج الاستفادة من البنى والأدوات الأساسية للسيطرة والتحكم على أي جهد في التغيير التنظيمي. هدف إدارة التغيير هو تحقيق أقصى قدر من المنافع للمؤسسة والتقليل من آثار التغيير على العاملين وتجنب الانحرافات عن المسار.

فالتغيير ليس تحسيناً أو تطويراً في جزء من أجزاء هذه المؤسسة، بل يحتاج التغيير إلى إدارة وإدارة مخاطر ومبادرة ومبدأ كل في وقته ومكانه، لأن العقيدة المؤسسية التقليدية لبعض القيادات توردها المخاطر والمهالك في بعض الأحيان، فالقائد المؤسسي الذي يُفكر بردّات الأفعال دون انتهاج سياسة التغيير المخطط سيؤدي بمؤسسته إلى الانحدار والتدهور.. ولا شك.

لذا كان التغيير في الثقافة المؤسسية أمراً واجباً على القيادات لا ترفاً إدارياً، لأن الوقت والزمن والخدمة والمتعامل والمكان.. إلخ، كلها مفردات التأخير دون سبب.

وعليه، فالتغيير واجب مؤسسي يحتمه الحاجة والواقع لأن دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت نموذجاً عالمياً للتغيير وتطبيق منهجياته وآلياته، وها هي النتائج هي الفيصل في الحكم والتأويل، وبنظرة شخصية نرى أن بعض القيادات والموظفين هم صنّاع التغيير إلى الأحسن والأفضل.

وانتهى برأينا الشخصي زمن القيادات القديمة التي تفكر أن تعمل ما يعمله الآخرون، بل يعملون الآن بما لم يعمله الآخرون كسبق وريادة وتفرد، فالعقليات الإدارية الحصرية انتهت إلى مالا رجعة وبقايا الكوب سوف تزول..!

لأن الإبداع والابتكار هما مطلب قياداتنا الرشيدة، وهما أيضاً متعة العاملين والموظفين الذين يبادرون ويُخاطرون لأنهم يعشقون الإنجاز دون تضخيم، ولأنهم يعشقون التغيير لأنه يأتي لهم بالجديد والمبهر والجميل.

 

Email