تساؤلات بشأن مؤسسة هيلاري

ت + ت - الحجم الطبيعي

أشعر بالقلق البالغ، نظراً لوجود الكثير من الصحافيين الذين يمضون أوقاتاً طويلة وهم يحاولون جعل أنصار دونالد ترامب يشعرون بالخزي، وذلك لحماية هيلاري كلينتون في انتخابات نوفمبر المقبل.

لست قلقاً بشأن ترامب، فهو مصاب بجنون العظمة. وستساعده نرجسيته على الاندماج بطريقة جيدة في واشنطن في حال انتخب رئيساً للبلاد. كما أني لست قلقاً جداً على هيلاري كلينتون. فهي مصابة بداء الكذب المرضي، وتتناسب وطريقة واشنطن في التعامل، حيث تتم الإشادة بالكاذبين.

بيد أن ما يقلقني، هو أن الكثير من الأشخاص في مجالي، ولكن ليس الجميع، يمضون جل وقتهم في إشعار المصوتين لترامب بالخزي، بحيث يبدو أنهم قد نسوا بعض أهم عناصر الفساد السياسي. مثل طبيعته، وكيف يبدو شكله، ناهيك عن رائحته.

وذلك بالأخص عندما يتعلق الأمر بهيلاري كلينتون، وزوجها بيل، وفضيحة استغلال النفوذ، التي تتضمن مؤسسة هيلاري كلينتون، التي تقدر بمليارات الدولارات.

يصر المدافعون عن كلينتون، على أن ليس هناك أي »مقايضة« بشأن اجتماع كلينتون السري، عندما كانت وزيرة للخارجية، مع الجهات المانحة في مؤسسة كلينتون، التي يعد الكثير منها جهات مانحة أجنبية، وذلك بهدف بحث ما هو في صالح كلينتون والحكومة الأميركية.

لقد تم وضع نقاط الحوار مسبقاً على يد الرئيسة المؤقتة للجنة الوطنية الديمقراطية، دونا برازيل، على قناة »آي بي سي«، وذلك عقب أن كشفت وكالة »أسوشيتد برس«، قصتها عن المانحين في مؤسسة كلينتون المالية، وأوقاتهم السعيدة التي أمضوها برفقة هيلاري، في ما يخص مصالحهم.

في واشنطن فقط، يمكن أن يعتبر أمر استغلال أعضاء من داخل الحكومة لحكومتهم ليصبحوا أغنياء، كخطوة اعتيادية، وليست جريمة.

هناك كثير من المسؤولين الجمهوريين الذين وقفوا وقالوا إنهم لا يستطيعون التصويت لترامب، بسبب أفعاله أو أقواله. وبالتالي، أين هم الديمقراطيون الذين يقفون للتصريح بأنه ليس بمقدورهم دعم استغلال النفوذ، ودعم من وقف مع بيل وهيلاري كلينتون؟، إن صمتهم يشير إلى موافقتهم على ذلك.

يتمثل الأمر الواضح، في أنه عندما يقول أتباع كلينتون، إنه ليس هناك أي »دليل دامغ« أو »مقايضة«، »فستسمع قريباً بعض الأشخاص يكررون الشيء ذاته«.

لا يستغرق الأمر أياماً. بل هو سريع، ويبدأ بمسألة »لا وجود لأدلة«، و»لا دخان دون نار« و »لا مقايضة«.

أنا لا أعمل في واشنطن. وقبل سنوات عديدة، حاول الصحافيون إرسالي للعاصمة »واشنطن«، على أمل أن أتمكن من اكتساب الجدية المطلوبة. إلا أني رفضت ذلك، ولحسن الحظ، تجنبت حدوث ذلك.

لذلك، ربما الأمر كذلك، لأنه قادم من غرب وسط أميركا. إذ لا يمكنني تقدير الاختلاف بين استغلال النفوذ الطبيعي والاستغلال غير الطبيعي للنفوذ.

لكن كوني من شيكاغو، حيث يعتبر الفساد هو الصمغ الذي يجمع السياسات معاً، كما يجمع بين الخبز واللحم، وبين المخللات والبطاطا، يمكنني أن أقول لك، ما هي الرائحة التي لا تمت للفساد بصلة. لا يبدو الأمر »دليلاً« أو »لا وجود لدليل«. ولا يتم التحدث عنه باللغة اللاتينية.

رائحة الأمر ليست لغة كلمات، وإنما تقدير. رائحة الفساد حلوة، وليس هناك من وصفة خاصة بها. يمكن الاتفاق على الوصفة وتطبيقها، وفي حال تجرأت وسألت عن الوصفة، يجري نبذك على الفور، ليتم إخراجك من المطبخ.

لا يتضمن الأمر جدول دفع متسلسل، فكل شيء ممهد له. إذ تمرر الصفقة للسيد »إكس«، بينما تمرر الصفقة الأخرى للسيد »واي«. كل شيء يدور في حلقة، وهي أمور معقدة. وكل الفراغات بين الكلمات، بالنسبة إلى مؤيدي كلينتون، مفهومة.

عندما يئن النقاد ويرددون »لا دخان بدون نار«، ويتحدثون عن »عدم المقايضة«، فإنهم بلا شك يعرفون الفساد على الطريقة الكرتونية، كأنه مغلف، يتضمن رؤساء ميتين. لكن الناس والحكومات والدول لا يتعاملون بتلك الطريقة.

في يوم آخر خلال وجبة الإفطار، كنت أتحدث عن ذلك التفسير الضيق لواشنطن عن الفساد السياسي، مع رجل جعل من الأمر دراسته الخاصة مدى الحياة.

»لنتخيل أنك في اجتماع مع مسؤول منتخب، لتقول، سأعطيك الكثير من المال في حال أسديت لي هذه الخدمة أو تلك«. ليسألني الرجل بحكمة بطريقة أهل شيكاغو: هل تعلم ماذا سيحصل لاحقاً؟.

كنت أعلم ما الذي سيحصل، لكني انخرطت في تلك اللعبة، وأجبت: »لا، ما الذي سيحصل؟«.

فقال: »أول شيء سيفكر به السياسي، هو لماذا يتحدث معي بتلك الطريقة. ومن هنا، لن يتحدث أي أحد معك، مجدداً«.

لهذا السبب، يعتبر سماع دمى كلينتون وهم يلحون على مسألة أن ليس هناك شيء معيب في مؤسسة كلينتون أو هيلاري، أمراً باعثاً على الكآبة، ذلك لأن هنالك شيئاً ما بالفعل.

لقد تمثل الفساد في بيع الأصول للمراكز الهامة في الحكومة الفيدرالية. وذلك بالنسبة إلى شخص اعتبر وقتها وزير خارجية، على غرار جميع الأشخاص الأشداء من ذوي الثروات، الذين كانوا يحاولون الوصول إلى البيت الأبيض.

 

Email