صمت الضمير

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خضم الأحداث الجارية في المنطقة العربية، وما يجري من أحداث إرهابية دامية في العالم، مثلما حدث مؤخراً في نيس، وقتل كاهن ذبحاً في كنيسة «سانت اتيان دو روفريه» بفرنسا وميونخ وكابول بأفغانستان، بات ما يجري على أرض فلسطين مشهداً خلفياً، ويتيح لقوى الاحتلال الإسرائيلي فرص التنكيل بالشعب الفلسطيني، ومصادرة المزيد من الأراضي، ومحاصرة القرى والمدن الفلسطينية، والاعتقالات المستمرة التي يقوم بها جنود الاحتلال داخل أراضي السلطة الفلسطينية، ومع ذلك، لا نسمع صوتاً يستنكر ما يجري، حتى باتت الأصوات العربية التي تجاهر باستنكار ما يجري على أرض فلسطين، هي أصوات خافتة، ولذا، يقوم المحتلون بما يحلو لهم دونما رادع أخلاقي، ولا رادع دولي، ولا خشية من أصوات الرأي العام الدولي المنددة بالممارسات القمعية الإسرائيلية.

وفي الضفة الغربية المحتلة، يطبق القانون العسكري الإسرائيلي على الفلسطينيين فقط، إذ يسمح الأمر العسكري الإسرائيلي 1651، بالاعتقال الإداري بحق البالغين والأطفال لمدة تصل إلى ستة أشهر، قابل للتجديد لأجل غير مسمى، التي تعتمد قانون الاعتقال الإداري، مستخدمة الاعتقال كوسيلة للعقاب الجماعي. وبلغ عدد الذين دخلوا السجون الإسرائيلية منذ الاحتلال الإسرائيلي، أكثر من مليون فلسطيني.

وتعتبر إسرائيل، الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم سنوياً ما بين 500 و700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية، بشكل يفتقر إلى الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة، ومع ذلك، يصمت العالم عن إدانة معاناة أطفال فلسطين.

ولأن الكيان الصهيوني عنصري بطبيعته، فإن الكنيست الإسرائيلي، أصدر مؤخراً قانون حرمان العرب الفلسطينيين من عضويتهم في الكنيست، فقد وافق في مارس 2016 بصورة مبدئية، على مشروع قانون من شأنه السماح بتجميد عضوية أو إقالة النواب من فلسطينيي الخط الأخضر، إذا أظهروا دعماً لمن وصفهم بــ «أعداء إسرائيل»، ويعني بذلك مواقفهم مع شعبهم الفلسطيني.

يهدف هذا القانون الخطير، إلى سحب شرعية الخطاب السياسي الفلسطيني لممثلي وقيادات الجماهير العربية في الخط الأخضر، وهو انتقاض لمفاهيم الديمقراطية التي تدّعيها إسرائيل. وبرلمانات العالم تقف صامتة عن مثل هذا الإجراء.

وهناك أمور تبدو بسيطة في تصرفات الكيان الإسرائيلي، ولكنها تظهر مدى عنصريته، وخصوصاً مع فلسطينيي الداخل، المعروف بالخط الأخضر، فقد اعتقلت الفتاة (قمر مناصرة) ذات سبعة عشر ربيعاً وأودعت السجن، بحجة نشرها نصاً على صفحتها بالفيسبوك، ويُشتبه النص بأنه يمس أمن الدولة، ونُسب لها تهم الاعتداء على الشرطة وعرقلة عملهم.

وكانت الفتاة نشرت نصاً على الفيسبوك، وكان النص تتحدث فيه عن جدها المتوفى واشتياقها إليه، ولكن حذفته بعد أن أشار عليها أصدقاؤها بأنه يمكن أن يفهم على أنه يمس أمن «إسرائيل»، وقامت بحذفه.

ولا أحد يهتم بمعاناة الأسرى الفلسطينيين، ولا بإضراب مفتوح عن الطعام لـ 48 أسيراً فلسطينياً، الذين يتضامنون مع الأسرى بلال كايد، والشقيقين محمد ومحمود بلبول، وهذا جزء من سياسة إسرائيل وأساليبها التي تعتمدها للعقاب الجماعي بدون تهم واضحة. ويرافق ذلك هدم منازل الأسرى، وإغلاق قوات الاحتلال، الطرق الرئيسة المؤدية إلى القرى ومخيمات بالمكعبات الأسمنتية والسواتر الترابية والحواجز العسكرية، ونتساءل، يا ضمير العالم، لماذا كل هذا الصمت؟.

ولذا، لنا الحق في أن نتساءل عن الضمير الإنساني العربي والدولي، الذي يقف صامتاً تجاه كل تلك الانتهاكات الإسرائيلية لأبسط حقوق الإنسان، والمخالفة للقانون الدولي.

Email