الاستخبارات الأميركية وتدخلها في انتخابات الرئاسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

برز ثلاثة مديرين في وكالة الاستخبارات المركزية للتنديد بالمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، لصالح منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

ومن المثير للقلق رؤية القادة القدامى لوكالة الاستخبارات الأميركية، الذين يتولون مسألة تقويض الأهداف الأجنبية والتأثير عليها من خلال الدعاية، وهم يحاولون فعل الشيء ذاته داخل البلاد للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية.

لقد دون مايكل موريل، مدير ونائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق، أخيراً في إحدى افتتاحيات صحيفة «نيويورك تايمز»، يقول: «لقد كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضابط مخابرات، جرى تدريبه للتعرف على نقاط ضعف الأفراد واستغلالها. وذلك تماماً ما فعله في الانتخابات التمهيدية». وعلى نحو ساخر، ذلك تماماً ما بدا أن فعله ضباط المخابرات في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لجمهور الناخبين.

من الصعب تجاهل حقيقة أنه منذ ترك مايكل موريل وكالة الاستخبارات الأميركية، فإنه قد عمل لصالح «بيكون غلوبال ستراتيجيز»، وقد كان مديرها العام فيليب رينيس، مستشار هيلاري كلينتون خلال فترة وجودها كعضو في مجلس الشيوخ الأميركي ووزيرة للخارجية. إلا أن موريل ليس المسؤول الوحيد السابق في وكالة الاستخبارات، من الذين لديهم صلات ديمقراطية، وشرعوا بملاحقة ترامب.

فقد قال مدير وكالة المخابرات المركزية السابق ليون بانيتا، الذي أدار الوكالة في ظل الرئيس الأميركي باراك أوباما، وكان قد حضر، أخيراً، المؤتمر الوطني الديمقراطي، قال في مقابلة مع كريستيان أمانبور بقناة «سي إن إن»: «ترامب ليس كفؤاً ليكون رئيساً لأميركا».

بالإضافة إلى الهجمات التي أتت من موريل وبانيتا، وقع نحو 50 مسؤولاً وطنياً جمهورياً بارزاً على رسالة تحذر من دونالد ترامب، معربين عن أنهم لن يصوتوا لصالحه. وقد كان من بين الموقعين مايكل هايدن، مدير سابق في وكالة المخابرات المركزية، ومدير وكالة الأمن القومي.

وفي غضون وصول الرسالة الجماعية إلى الصحافة، برز في المشهد مسؤول سابق في الاستخبارات المركزية، بإعلانه عن نية ترشحه للرئاسة كبديل عن دونالد ترامب. إذ عمل إيفان ماكمولين، كضابط مسؤول عن إعادة توطين اللاجئين في الأردن، بانتداب من الأمم المتحدة، كما عمل لفترة وجيزة في مؤسسة «غولدمان ساكس»، وأمضى نحو عقد من الزمن مع وكالة الاستخبارات الأميركية.

هل فات ماكمولين أنه قد كان لتلك الانتخابات مساحات مناهضة للمؤسسة الكبرى، وأن الناخبين ليسوا مهتمين بانتخاب ضابط سابق بوكالة المخابرات المركزية، ومسؤول سابق في «وول ستريت»، فضلاً عن عضو سابق في بيروقراطية الأمم المتحدة؟

من المنطقي جداً أن يرغب دونالد ترامب بإقامة علاقة ودية مع حلفاء محتملين جدد، كروسيا، لمواجهة التحدي ضد حرب الإرهاب غير المتكافئة، والتي لا تزال دون حل. عند مقارنة منهجية ترامب في حل المشكلات مع تأكيد موريل أثناء مقابلته مع تشارلي روز بقناة «سي بي إن»، حيث قال: «يجب أن نعمل على أن يدفع الإيرانيون الثمن في سوريا، كما يجب أن نسهم في أن يدفع الروس الثمن هناك أيضاً».

دفع ثمن ماذا؟ ثمن إظهار جداول أعمال وكالة الاستخبارات في الشرق الأوسط، التي أفضت لتدريب وتسليح «الثوار السوريين» الذين تم التغرير ببعضهم للانضمام لتنظيم «داعش»؟ أم لتشميرهم عن سواعدهم لاجتثاث جذور تنظيم «داعش» بصفتهم قوى غربية وقفت مكتوفة الأيدي؟

قال موريل: «أريد تتبع تلك الجهات التي يراها الأسد كقاعدة لقوته الشخصية». مضيفاً «أريد إخافة الأسد».

هل هذا حقيقي؟ وهل ترامب هو الشخص المتهور؟

لنقارن هنا دونالد ترامب، في مقابلته مع صحيفة «نيويورك تايمز» حين قال: «أعتقد أن مشكلتنا الكبرى التي تتعدى بشار الأسد تكمن في تنظيم «داعش»، ولطالما شعرت بذلك. أنا لا أقول أن الأسد رجل صالح لأنه ليس كذلك، إلا أن مشكلتنا الكبرى هي «داعش» وليس الأسد». وباعتباره مهتماً أكثر في تأليف تحالفات براغماتية جديدة، وإعادة تقييم أولئك الذين أصبحوا أموراً مسلماً بها، زجر ترامب الحلف الأميركي المكسيكي «التقليدي»، لافتقاره لمسألة مراقبة الحدود، ما أدى لتدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أميركا.

أوضح موريل أنه في ما يخص الاستخبارات، يمكننا القول «إن بوتين جند دونالد ترامب بصفته وكيلاً غير مقصود للاتحاد الروسي».

وفي ما يخص أعمال فك رموز الدعاية، لماذا لا نعود لخمسينيات القرن العشرين ونطلق على جميع من لا يتفق مع وجهة النظر السائدة في نظرنا بأنهم اشتراكيون؟ يحاول موريل تقديم حجة ضعيفة من خلال التلاعب بعواطف الناس واستفزاز مخاوفهم. كما أن قادة وكالة الاستخبارات الأميركية مخطئون في استخدام مثل تلك التكتيكات للتأثير على الجمهور الأميركي.

Email