أغلى ساعة في التاريخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

الساعات أنواع مختلفة، لكنها متفقة على حساب الزمن.الساعة الصحيحة لا تقدم ولا تؤخر. حتى تلك المتعطلة تكون صحيحة مرتين في اليوم حين تمر بها العقارب في لحظتين من الزمن.

وثمة ساعة من الزمن تدخل التاريخ، بل تقتحمه وتوقفه عندها على قدميه ليظل شاهداً على ما حدث في تلك الساعة، في ذاك المكان!

سيسجل التاريخ أن تلك الساعة من مساء الأربعاء السابع والعشرين من يوليو تموز 2016 كانت أغلى ساعة في التاريخ. ذلك أن مؤسس »دولة الفيسبوك« مارك زوكربيرغ، حقق فيها ربحاً لم يسبقه إليه سواه، وكان مقداره 3 مليارات و400 مليون دولار.

كل دقيقة مرت من تلك الساعة التي انتهت في الخامسة والربع بعد ظهر ذاك الأربعاء بتوقيت الشرق الأميركي، ربح زوكربيرغ أكثر من 56 مليوناً و666 ألفاً من الدولارات، أي تقريباً 945 ألفاً بالثانية الواحدة، وهو ربح دقيقة قد يكفي لعيش مليون عائلة أفريقية اوبنغالية أو سريلانكية أو في أية دولة فقيرة في هذا العالم المجنون طوال أسبوع كامل.

بالربح الجديد أصبح زوكربيرغ البالغ من العمر 32 سنة، ونراه ضاحكاً بمعظم الصور، خامس الأثرياء في العالم، لأن ثروته وصلت بعد الثانية 3600 من آخر ساعة مداولات ببورصات ذلك اليوم، إلى أكثر من 56 ملياراً و700 مليون دولار..

والسبب أن سهم فيسبوك المثير أسال لعاب الطامعين، ارتفع 6.5 % مرة واحدة، وأصبح سعره 131.40 دولارا، بسبب نمو بيع الموقع من الإعلانات وزيادة »الفيسبوكيين« ممن أصبح عددهم ملياراً و710 ملايين، لذلك تفوق الزعيم »الفيسبوكي« بربحه على رقم قياسي سابق حققه هو بالذات، حسب موقع مجلة فوربس الاقتصادية الأميركية، المتتبعة لثروات أصحاب المليارات بالعالم.

ثروة ملك الفيسبوك وحده تعادل موازنات عدة دول عربية مجتمعة تعاني من عجز واضح وأزمات متراكمة. ولا ينحصر تأثير المعدلات بسبب تراجع أسعار النفط والسياسات الاقتصادية العامة للدول، وإنما تمتد إلى الاستثمارات العمومية التي ينتظرها رواد المشاريع سنويا ما أدى إلى تراجع الإيرادات أو تفاقم النفقات.

نحن العرب لم نحسن استخدام ثرواتنا وقد انتبهنا متأخرين أن الثروة الحقيقية المستدامة هي الثروات المستدامة غير منتهية الصلاحية وليس لها عمر افتراضي يحدده التقدم التكنولوجي. فالاستثمار الحقيقي هو في الإنسان وفي تلك المضغة الموجودة في رأسه التي يفكر بها والتي تتشابه في كل البشر لكن ثمة من يستغلها وثمة من يهملها ويكتفي باستغلال عشرها.

فكيف أصبح زوكربيرج زعيم دولة في فضاء ازرق تضم اكثر من مليار إنسان ؟

ولد مارك في دوبس فيري، نيويورك، أبوه ادوارد زوكربيرج كان طبيبا للأسنان وأمه كارين طبيبة نفسية وله ثلاث أخوات راندي ودونا وآريال. تطورت اهتمامات مارك بالكمبيوتر منذ طفولته المبكرة فهو مبرمج كومبيوتر، وخاصة وسائل الاتصال والألعاب. حيث قام بتطوير العديد من الألعاب والبرامج كان أولها برنامج للتواصل سماه Zucknet في سن الثانية عشرة..

والذي قام والده باستخدامه في العيادة بحيث تستطيع الممرضة التواصل مع أبيه الطبيب بدون الحاجة لأن تقوم بزيارة غرفته لإعلامه بوجود مريض في غرفة الانتظار. واستخدمت العائلة نفس البرنامج للتواصل بين أفرادها في المنزل. بدأ البرمجة عندما كان في المرحلة الإعدادية..

بينما كان يحضر أكاديمية فيليبس اكستر في المدرسة الثانوية، بنى برنامجا لمساعدة العاملين في مكتب الاتصال ونسخة من لعبة الأخطار. كما بنى مشغل موسيقى يدعى الوصلة العصبية (Synapse ) التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعرفة عادات المستخدم في الاستماع. حاولت مايكروسوفت وإيه أو إل أن تشتري الوصلة العصبية وتوظف زوكربيرج لديها ولكنه رفض وفضل تحميلها بالمجان وقرر الالتحاق بجامعة هارفارد.

عندما لاحظ والد مارك شغف ابنه بالكمبيوتر، قام بجلب أستاذ خصوصي لمارك ليأتي مرة في الأسبوع لتعليم ابنه وتطوير موهبته. قال معلم مارك الخصوصي لأحد المحررين مؤخرا: إنه كان من الصعب البقاء مع هذا الطفل العبقري وتعليمه كونه منذ طفولته كان سباقاً دائما للأشياء التي أريد تلقينه إياها.

فاجأ زوكربيرج أصدقاءه والمقربين منه عام 2011 في عامه الـ28، عندما عقد قرانه على صديقته بريسيلا تشان، في حفل زفاف خاص وصغير في منزله بمدينة بالو ألتو في كاليفورنيا أمام 100 شخص فقط من المدعوّين، الذين كانوا قد جاءوا أصلاً للاحتفال بتخرج صديقتهم تشان من كلية الطب.

إلا أنهم فوجئوا أن اليوم هو يوم زفافها لصديقها زوكربيرج، الذي استمرت صداقتهما حوالي 9 سنوات، منذ بداية تعارفهما في جامعة هارفارد. وقد قرر مارك في 2011 أن يكون نباتيا ويتوقف عن تناول اللحوم. مارك أيضا شخص مثقف ويتحدث أكثر من لغة. فهو يستطيع القراءة والكتابة بخمس لغات.

بسبب الصيت الذي أذاعه برنامج الفيس ماش قام ثلاثة من زملاء مارك في الجامعة بالاتصال به واطلاعه على فكرة تطوير موقع شبكة اجتماعية يسمى Harvard Connection. يقوم هذا الموقع باستخدام معلومات شبكة طلاب هارفرد لتطوير شبكة تعارف للنخبة في الجامعة.

لكنه انسحب من هذا المشروع للعمل على موقعه للتواصل الاجتماعي مع ثلاثة آخرين من زملائه.قام مارك وزملاؤه بتطوير موقع للتواصل الاجتماعي الذي يسمح للمستخدمين بتصميم صفحاتهم الشخصية وتحميل صورهم والتواصل مع المستخدمين الآخرين، وقاموا بتسمية هذا الموقع فيسبوك وكل ذلك من داخل أبواب سكن هارفرد الطلابي!

في شهر يونيو 2004 غادر مارك الجامعة وانتقل بشركته إلى Palo Al California و ذلك لتكريس وقته للفيسبوك وكان عدد مستخدمي الموقع في ذلك الحين قد تجاوز المليون. هذه هي قصة العقل المفكر، والوالدين اللذين يكتشفان موهبة أبنائهما ويقومان بتشجيعها ودعمها. وهذه هي قصة الفيسبوك الذي يستخدمه أغلب أبنائنا لأهداف التنفيس عن الكبت بدلا من أن يخلقوا منتجا جديدا ويطوروا ما وصل اليه »الطفل« مارك زوكربيرغ !!

 

Email